الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: المُؤْمِنُ لَا يَعْصِي اللهَ تعالى فِيمَن عَصَى اللهَ تعالى فِيهِ، فَكَيْفَ يَعْصِيهِ في حَقِّ غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ؟
ثانياً: المَالُ الذي يَجِدُهُ الإِنْسَانُ في بَيْتِهِ أَو مَحَلِّهِ أَو مَصْنَعِهِ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ صَاحِبِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، أَو أَنْ يُعَرِّفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهُ سَلَّمَهُ إِيَّاهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْرِفَ هَذَا المَالَ ـ مِنْ بَضَائِعَ وَأَثَاثٍ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ ـ في مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ المَالَ الذي لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ مَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الفُقَرَاءِ؛ مَعَ ضَمَانِهِ إِذَا وُجِدَ صَاحِبُهُ.
ثالثاً: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِذَا سُرِقَتْ بَضَائِعُكَ، وَأَثَاثُ بَيْتِكَ، فَهَذِهِ مُصِيبَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْكَ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾. وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ، وَاعْلَمْ بِأَنَّهَا قَدْ حُوِّلَتْ لَكَ للآخِرَةِ، في يَوْمٍ ﴿لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.
سَوْفَ تَجِدُ أَجْرَ ذَلِكَ حَاضِرَاً بَيْنَ يَدَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ تعالى، وَسَوْفَ يَجْمَعُ اللهُ تعالى بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمَكَ، وَسَوْفَ يَسْأَلُهُ اللهُ تعالى: لِمَاذَا سَرَقْتَ؟
فَمَاذَا تَتَوَقَّعُ لِنَفْسِكَ وَلِخَصْمِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ أَيُّكُمَا الرَّابِحُ؟ لَا شَكَّ أَنَّ المَظْلُومَ هُوَ الرَّابِحُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى.
وبناء على ذلك:
فَهَذِهِ البَضَائِعُ وَالأَثَاثُ إِنْ لَمْ تَسْتَطِعِ الوُصُولَ إلى أَصْحَابِهَا فَاصْرِفْهَا في مَصَارِفِ الفُقَرَاءِ، مَعَ وُجُوبِ الضَّمَانِ إِذَا وُجِدَ أَصْحَابُهَا، وَلَا تَأْخُذْهَا مُقَابِلَ مَا سُرِقَ مِنْكَ، وَاحْتَسِبِ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |