أحكام التعازي

7736 - أحكام التعازي

09-12-2016 2824 مشاهدة
 السؤال :
أنتم مطلعون على ما يجري في التعازي اليوم، فهل بالإمكان إيضاح الصحيح منها والخطأ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7736
 2016-12-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: التَّعْزِيَةُ سُنَّةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا العَبْدُ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّهَا تُخَفِّفُ الأَلَمَ عَنْ أَهْلِ المُصَابِ، وَهِيَ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَهِيَ خَيْرٌ في حَقِّ المُعَزِّي، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابَاً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ، إِلَّا كَسَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ المُعَزِّي لِأَصْحَابِ العَزَاءِ: «إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّىً، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ» رواه الإمام البخاري عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ: أَحْسَنَ اللهُ العَزَاءَ، وَجَبَرَ اللهُ الكَسْرَ، وَرَحِمَ اللهُ المُتَوَفَّى، وَغَفَرَ اللهُ لِمَيْتِكُمْ؛ أَجَارَكُمُ اللهُ في مُصِيبَتِكُمْ، وَأَخْلَفَ عَلَيْكُمْ خَيْرَاً مِنْهَا.

وَيُذَكِّرُهُمْ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: ﴿إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرَاً مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرَاً مِنْهَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

ثانياً: لَا حَرَجَ مِنْ تِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ في التَّعَازِي، وَإِهْدَاءِ ثَوَابِ التِّلَاوَةِ للمُتَوَفَّى، لِأَنَّ ذَلِكَ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ الدُّعَاءِ للمَيْتِ، وَأَنْ يُشَارِكَ المُعَزُّونَ في التِّلَاوَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ وُجُودِ قَارِئٍ يَقْرَأُ شَيْئَاً مِنَ القُرْآنِ على مَسَامِعِ المُعَزِّينَ، مَعَ مُرَاعَاةِ آدَابِ الاسْتِمَاعِ ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الأَجْرِ على التِّلَاوَةِ إِذَا حَـضَرَ المُقْرِئُ، لِأَنَّ أَخْذَ الأُجْرَةِ على تَعْلِيمِ القُرْآنِ جَائِزٌ شَرْعَاً، أَمَّا أَخْذُ الأُجْرَةِ على التِّلَاوَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِذَا أُكْرِمَ التَّالِي للقُرْآنِ بِشَيْءٍ مِنَ المَالِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَالِ المُتَوَفَّى إِذَا كَانَ يُوجَدُ قُـصَّرٌ، بَلْ على حِسَابِ البَالِغِينَ.

ثالثاً: لَا يُوجَدُ في شَرْعِنَا الشَّرِيفِ مَا يَجْعَلُهُ بَعْضُ المُسْلِمِينَ في اليَوْمِ الأَرْبَعِينَ مِنْ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ، فَمَا يُسَمَّى بِالأَرْبَعِينَ لَيْسَ عَادَةً شَرْعِيَّةً، بَلْ يَجِبُ هَجْرُهَا.

رابعاً: أَمَّا الوَلَائِمُ وَتَقْدِيمُ الضِّيَافَةِ في التَّعَازِي فَهِيَ بِدْعَةٌ مُسْتَقْبَحَةٌ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ.

وَمَا يُفعَلُ اليَوْمَ مِنْ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ وَالحَلْوَى في اليَوْمِ الأَوَّلِ، وَمَا يُسَمَّى عِنْدَ العَوَامِّ (فَتْحُ فَمٍ) وفي اليَوْمِ الثَّالِثِ خِلَافُ السُّنَّةِ، لِأَنَّهُ يَنْبَغِي على الأَقَارِبِ الأَبَاعِدِ وَالجِوَارِ أَنْ يَصْنَعُوا هُمُ الطَّعَامَ لِأَهْلِ المُتَوَفَّى لَا العَكْسُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:  «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامَاً فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

خامساً: تَقْدِيمُ الوُرُودِ في التَّعَازِي مُنْدَرِجٌ تَحْتَ النَّهْيِ الذي جَاءَ في السُّنَّةِ، روى الشيخان عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي كَاتِبُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثَاً: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ». وَتَقْدِيمُ الوُرُودِ مِنْ إِضَاعَةِ المَالِ.

سادساً: تَوْزِيعُ أَهْلِ المَيْتِ ثِيَابَ المُتَوَفَّى، هَذَا الذي يُقَالُ عَنْهُ: (بَدْلَةُ الآخِرَةِ) هَذَا لَا يَجُوزُ إِذَا كَانَ للوَارِثِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ، لِأَنَّ الثِّيَابَ صَارَتْ مِنْ حَقِّ الوَرَثَةِ جَمِيعَاً، وَالأَوْلَادُ الصِّغَارُ لَهُمْ نَصِيبٌ في هَذِهِ الثِّيَابِ التي صَارَتْ مِنْ ضِمْنِ التَّرِكَةِ لَهُمْ.

سابعاً: لُبْسُ المَرْأَةِ الثِّيَابَ الخَاصَّةَ تَأَسُّفَاً على زَوْجِهَا هَذَا لَا يَجُوزُ ـ سَوَاءً كَانَ أَسْوَدَاً أَو غَيْرَ أَسْوَدٍ ـ وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبةِ لِتَسْوِيدِ ثِيَابِ الرِّجَالِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2824 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الأسرة والعلاقات الاجتماعية

 السؤال :
 2021-08-29
 2479
إِنْسَانٌ أَسَاءَ إِلَيَّ كَثِيرًا، وَأَنَا أَسُبُّهُ وَأَشْتُمُهُ في نَفْسِي، فَهَلْ في ذَلِكَ مِنْ حَرَجٍ شَرْعِيٍّ عَلَيَّ؟
 السؤال :
 2020-12-30
 1199
هَلِ الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ مُرْتَبِطَةٌ بِاسْمِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ شَقَاءً وَضَنْكًا أَو سَعَادَةً؟
 السؤال :
 2020-06-30
 580
هَلْ مِنْ نَصِيحَةٍ لِحَمَاةِ الزَّوْجَةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُصْلِحَ حَالَهَا؟
 السؤال :
 2020-03-01
 916
أُمِّي مُقِيمَةٌ في بَلْدَةٍ غَيْرِ التي أَنَا أُقِيمُ فِيهَا، وَتَطْلُبُ مِنِّي زِيَارَتَهَا، وَعِنْدِي أَوْلَادٌ لَا أَسْتَطِيعُ السَّفَرَ بِهِمْ، وَزَوْجِي صَاحِبُ عَمَلٍ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُ بِشَأْنِ زِيَارَةِ أُمِّي، وَلَكِنْ يَرْجُونِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ في حَرَجٍ في سَفَرِي، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 2319
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، وَيَأْمُرُهَا وَالِدَاهَا بِزِيَارَتِهِمَا كَثِيرًا، وَالزَّوْجُ يَرْفُضُ هَذَا إِلَّا في حُدُودِ المَعْقُولِ وَالمُتَعَارَفِ، فَلِمَنْ تُطِيعُ الزَّوْجَةُ في هَذَا الحَالِ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 3868
أَخِي تَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَةٍ، وَهِيَ تَسْكُنُ عِنْدَنَا في البَيْتِ، وَلَكِنَّهَا سَيِّئَةُ الأَخْلَاقِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهَا؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412399117
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :