شراء البضائع المسروقة

7979 - شراء البضائع المسروقة

20-04-2017 5965 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الشرع الـشريف في شراء البضائع الـمسروقة، وخاصة إذا كان المشتري فقيراً وبحاجة إليها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7979
 2017-04-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اشْتَرَى سَرِقَةً، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ، فَقَدْ شُرِكَ فِي عَارِهَا وَإِثْمِهَا» رواه الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سُرِقَ مِنَ الرَّجُلِ مَتَاعٌ، أَوْ ضَاعَ لَهُ مَتَاعٌ، فَوَجَدَهُ بِيَدِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ المُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ» رواه الإمام أحمد عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمَاً أَوْ مَظْلُومَاً».

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومَاً، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمَاً كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟

قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: لَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في وُجُوبِ رَدِّ المَسْرُوقِ إلى صَاحِبِهِ إِنْ كَانَ قَائِمَاً، سَوَاءٌ كَانَ السَّارِقُ مُوسِرَاً أَو مُعْسِرَاً، وَسَوَاءٌ أُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ أَو لَمْ يُقَمْ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ المَسْرُوقُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ.

وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَى صَفْوَانَ رِدَاءَهُ، وَقَطَعَ سَارِقَهُ.

روى أبو داود عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: كُنْتُ نَائِمَاً فِي المَسْجِدِ عَلَيَّ خَمِيصَةٌ (رِدَاءٌ) لِي ثَمَنُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمَاً، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي، فَأُخِذَ الرَّجُلُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْطَعَ.

قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَتَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمَاً، أَنَا أَبِيعُهُ وَأُنْسِئُهُ ثَمَنَهَا؟

قَالَ: «فَهَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ».

وروى الإمام أحمد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ».

وبناء على ذلك:

أولاً: لَا يَجُوزُ شِرَاءُ البَضَائِعِ المَسْرُوقَةِ حَتَّى وَلَو سُرِقَتْ مِنْ كَافِرٍ، لِمَا في ذَلِكَ مِنْ ظُلْمٍ للنَّاسِ، وَإِقْرَارٍ للمُنْكَرِ، وَتَعَاوُنٍ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ.

ثانياً: يَجِبُ رَدُّ البَضَائِعِ المَسْرُوقَةِ إلى أَصْحَابِهَا إِذَا عُرِفُوا.

ثالثاً: مَنِ اشْتَرَى بِضَاعَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، كَانَ آثِمَاً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، وَمِنْ تَمَامِ تَوْبَتِهِ إِعَادَةُ البَضَائِعِ إلى أَصْحَابِهَا، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلى البَائِعِ لِأَخْذِ الثَّمَنِ الذي دَفَعَهُ.

رابعاً: مَنِ اشْتَرَى بِضَاعَةً مِنْ غَيْرِ السَّارِقِ، وَعَلِمَ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ، لِأَنَّ البَائِعَ لَيْسَ مَالِكَاً لَهَا شَرْعَاً، وَلَا مَأْذُونَاً لَهُ شَرْعَاً في بَيْعِهَا، بَل كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَرَدُّهَا إلى صَاحِبِهَا.

خامساً: إِذَا عَلِمَ الإِنْسَانُ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، وَعَرَفَ صَاحِبَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنَ السَّارِقِ لِيَرُدَّهَا إلى صَاحِبِهَا، فَلَا بَأْسَ في ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ البِضَاعَةَ مِنَ السَّارِقِ إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.

سادساً: وَكَذَلِكَ إِذَا عَلِمَ الإِنْسَانُ أَنَّ البِضَاعَةَ المَسْرُوقَةَ هِيَ لَهُ يَقِينَاً، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ اسْتِردَادِهَا، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا.

وَأَخِيرَاً: مَنْ عَلِمَ أَنَّ البِضَاعَةَ مَسْرُوقَةٌ، أَو غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا مَسْرُوقَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ شِرَاؤُهَا، سَوَاءٌ كَانَ غَنِيَّاً أَو فَقِيرَاً، حَتَّى لَا يَكُونَ عَوْنَاً للظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ، وَحَتَّى لَا يَكُونَ عَوْنَاً لِآكِلِ الحَرَامِ عَلَى أَكْلِ الحَرَامِ؛ فَمِنْ تَمَامِ الرَّحْمَةِ بِالسَّارِقِ أَنْ لَا تَشْتَرِيَ مِنْهُ المَسْرُوقَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5965 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في المعاملات

 السؤال :
 2023-02-25
 450
مَا حُكْمُ الذي يَسْتَوْرِدُ بِضَاعَةً ـ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ ـ مِنَ الصِّينِ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا صِنَاعَةُ دَوْلَةٍ أُخْرَى كَاليَابَانِ، أَو السُّوَيْدِ، أَو أَلَمَانْيَا، أو غَيْرِهَا مِنَ الدُّوَلِ، مَعَ العِلْمِ أَنَّهُ يَقُولُ للمُشْتَرِي: هَذِهِ بِضَاعَةٌ صِينِيَّةٌ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنْ يَنْصَحَ المُشْتَرِيَ؟
 السؤال :
 2023-02-02
 390
مَاتَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا بَيْتًا، وَقِيمَةُ البَيْتِ إِذَا بِيعَ تُسَدِّدُ دُيُونَهُ، فَهَلْ يَجِبُ بَيْعُ البَيْتِ لِسَدَادِ دُيُونِهِ؟
 السؤال :
 2022-10-27
 761
مَا حُكْمُ بَيْعِ الذَّهَبِ القَدِيمِ بِجَدِيدٍ مَعَ دَفْعِ الفَرْقِ؟
 السؤال :
 2022-02-14
 400
أَنَا أَعْمَلُ أَجِيرًا عِنْدَ بَائِعِ الذَّهَبِ، وَلَكِنَّ صَاحِبِ المَحَلِّ يَبِيعُ الذَّهَبَ لِأَجَلٍ، فَهَلْ أَنَا شَرِيكٌ مَعَهُ في الإِثْمِ؟
 السؤال :
 2021-11-26
 402
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَسْتَدِينُ ثُمَّ يُمَاطِلُ في أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَيَغْضَبُ إِنْ طُولِبَ، وَإِذَا جَاءَ لِسَدَادِ الدَّيْنِ أَحْرَجَ الدَّائِنَ في إِسْقَاطِ جُزْءٍ مِنْ حَقِّهِ؟
 السؤال :
 2021-03-25
 220
في كُلِّ جُمُعَةٍ تَقُومُ لَجْنَةُ الجَامِعِ عِنْدَنَا بِجَمْعِ التَّبَرُّعَاتِ للمَسْجِدِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُ رَوَاتِبِ الإِمَامِ وَالخَطِيبِ وَالمُؤَذِّنِ وَالخَادِمِ مِنْ هَذَا المَالِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413498827
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :