السلام على من اتبع الهدى

8681 - السلام على من اتبع الهدى

07-02-2018 24505 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز أن يسلم المسلم على أخيه المسلم بقوله: السلام على من اتبع الهدى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8681
 2018-02-07

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: هَذِهِ صِيغَةٌ أَمَرَ اللهُ تعالى بِهَا سَيِّدَنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَمَا أَمَرَهُ بِالذَّهَابِ إلى فِرعَونَ، قَالَ تعالى: ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِل مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾.

ثانياً: هَذِهِ التَّحِيَّةُ كَانَ يُرْسِلُ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِغَيْرِ المُسْلِمِينَ، فَقَدْ أَرْسَلَ إلى هِرَقْلَ بِقَوْلِهِ: «مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى». وَفِي رِوَايَةٍ: «السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى» رَوَاهُمَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثالثاً: أَخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: التَّسْلِيمُ عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.

رابعاً: تَحِيَّةُ المُؤْمِنِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ تَكُونُ بِلَفْظِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، لِمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ في قِصَّةِ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ مَعَ صَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ ـ قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ ـ أَيْ: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ حَيَّاهُ عُمَيْرٌ: أَنْعِمْ صَبَاحَاً ـ وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ـ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وجَلَّ عَنْ تَحِيَّتِكَ وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا السَّلَامَ، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

وروى أبو دواد والترمذي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ جَلَسَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ».

ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ.

فَقَالَ: «عِشْرُونَ».

ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ.

فَقَالَ: «ثَلَاثُونَ».

وَأَمَّا صِيغَةُ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى؛ فَقَدْ قَالَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِغَيْرِ المُسْلِمِينَ، عِنْدَمَا أَرْسَلَ بَعْضَ كُتُبِهِ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ يَبْدَأُ كِتَابَهُ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.

وبناء على ذلك:

فَلَا يَجُوزُ للمُسْلِمِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ المُسْلِمِ بِلَفْظِ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى؛ لِأَنَّ هَذَا السَّلَامَ أَطْلَقَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا خَاطَبَ الكُفَّارَ؛ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ.

فَإِطْلَاقُ السَّلَامِ عَلَى المُسْلِمِينَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِيهِ تَعْرِيضٌ وَلَمْزٌ للمُسَلَّمِ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُنَافِي الأُصُولَ العَامَّةَ في وُجُوبِ تَرَابُطِ المُسْلِمِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ، وَأَنَّهُمْ كَالجَسَدِ الوَاحِدِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
24505 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في الحظر والإباحة

 السؤال :
 2023-12-29
 174
زَوْجَتِي صَاحِبَةُ دِينٍ وَخُلُقٍ، إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَمَا تَتَحَدَّثُ مَعَ زُمَلَائِهَا في العَمَلِ تُمَازِحُهُمْ، وَتَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ لَهَا النُّصْحَ، وَلَكِنْ بِدُونِ جَدْوَى، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 638
بِسَبَبِ الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ في بَلَدِنَا، اضْطُرِرْنَا للسَّفَرِ خَارِجَ القُطْرِ مَعَ زَوْجِي وَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في السَّكَنِ سَوِيَّةً في مَنْزِلٍ وَاحِدٍ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 323
أَنَا أَهْوَى الرَّسْمَ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسْمَ ذِي رُوحٍ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَرْسُمَ صُورَةَ إِنْسَانٍ مِنْ خَلْفِهِ؟
 السؤال :
 2023-12-29
 188
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في إِقَامَةِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ في البِلَادِ الغَرْبِيَّةِ؟
 السؤال :
 2023-03-25
 636
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في تَعْلِيقِ الخَرَزَةِ الزَّرْقَاءِ، المَرْسُومِ عَلَيْهَا عَيْنٌ، مِنْ أَجْلِ الوِقَايَةِ مِنْ عَيْنِ الحَاسِدِ؟
 السؤال :
 2023-03-10
 851
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِتَبَرُّعِ الأَعْضَاءِ بِدُونِ مُقَابِلٍ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413131014
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :