الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنْ فَضْلِ اللهِ تعالى عَلَيْنَا قَوْلُهُ: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾. وَقَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَالعَبْدُ الأَبْكَمُ وَالأَخْرَسُ الذي لَا يَسْتَطِيعُ القِرَاءَةَ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ الذي فَقَدَ حَاسَّةَ السَّمْعِ، لَا يُكَلَّفُ إِلَّا بِمَا هُوَ في وُسْعِهِ، فَمَا يُدْرِكُهُ بِبَصَرِهِ يُطَالَبُ بِهِ شَرْعَاً عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ، فَيُصَلِّي وَلَو بِدُونِ قِرَاءَةٍ وَلَا تَسْبِيحٍ وَلَا قِرَاءَةٍ للتَّشَهُّدِ، وَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَى الأَخْرَسِ وَالأَصَمِّ أَن يُصَلِّيَ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ، فَإِنْ كَانَ بِالإِمْكَانِ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ هُنَاكَ طُرُقٌ لِتَعْلِيمِ الأَخْرَسِ وَالأَصَمِّ، وَإِنْ عَجِزَ عَنْ ذَلِكَ فَيَكْفِيهِ أَن يَأْتِيَ بِحَرَكَاتِ الصَّلَاةِ بِدُونِ قِرَاءَةٍ وَلَا تَسْبيحٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |