الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَا يَجُوزُ للإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، لِمَا روى الترمذي عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي مِنَ البَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، أَبْتَاعُ لَهُ مِنَ السُّوقِ، ثُمَّ أَبِيعُهُ؟ قَالَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
ثانياً: أَخْذُ الأُجْرَةِ مُقَابِلَ عَمَلٍ (مَا) جَائِزٌ شَرْعَاً بِالاتِّفَاقِ، وَلَكِنْ بِـشَرْطِ أَنَّ تَكُونَ الأُجْرَةُ مَعْلُومَةً، وَأَنْ يَكُونَ العَمَلُ الذي يَقُومُ بِهِ الأَجِيرُ مَعْلُومَاً.
ثالثاً: الوَكِيلُ يَقُومُ مَقَامَ الأَصِيلِ، وَعَلَى الوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ وَاضِحَاً مَعَ الأَصِيلِ وُضُوحَاً تَامَّاً، وَإِلَّا كَانَ مُخَادِعَاً لَهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَأَنْتَ عِنْدَمَا تَشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ التي أَوْصَاكَ صَدِيقُكَ بِشِرَائِهَا تَشْتَرِيهَا وَكَالَةً عَنْهُ، وَلَيْسَ أَصَالَةً عَنْكَ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَزِيدَ في ثَمَنِهَا، بَلْ إِذَا حَصَلْتَ عَلَى هَدِيَّةٍ مِنَ البَائِعِ، أَو خَفَضَ لَكَ مِنْ سِعْرِ السِّلْعَةِ فَهُوَ مِنْ حَقِّ صَدِيقِكَ الذي وَكَّلَكَ، لِأَنَّكَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَكِنْ مِنْ حَقِّكَ أَنْ تُطَالِبَ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِقَاءَ هَذِهِ الوَكَالَةِ، مَعَ مُطَالَبَتِهِ بِالأُجْرَةِ التي سَيَتِمُّ دَفْعُهَا لِقَاءَ نَقْلِ السِّلْعَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ قَبْلَ الشِّرَاءِ.
وَإِذَا أَكْرَمَكَ البَائِعُ بِهَدِيَّةٍ أَو بِتَخْفِيضِ سِعْرِ السِّلْعَةِ لَكَ، وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تُعْلِمَ صَدِيقَكَ بِذَلِكَ، فَإِنْ سَمَحَ لَكَ بِأَخْذِ ذَلِكَ فَلَا حَرَجَ، وَإِلَّا فَيَحْرُمُ عَلَيْكَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |