آية الوضوء مدنية, فكيف كان النبي يصلي في مكة؟

936 - آية الوضوء مدنية, فكيف كان النبي يصلي في مكة؟

13-03-2008 3435 مشاهدة
 السؤال :
من المعلوم أن سورة المائدة سورة مدنية، وفيها آية الوضوء والصلاة فرضت في مكة المكرمة، فكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يصلون؟ هل كانوا يصلون من غير وضوء؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 936
 2008-03-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا يُصَلُّونَ بِوُضُوءٍ، لِأَنَّ مِنْ شَرَائِطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ الطَّهَارَةُ.

وَالوُضُوءُ كَانَ مَفْرُوضَاً عَلَى النَّاسِ قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ المَائِدَةِ التي فِيهَا آيَةُ الوُضُوءِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الحَدِيثُ الذي رواه الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ تعالى، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ (وَضَعَهُ) فِي حَجْرِي رَاقِدَاً، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً (دَفَعَنِي في صَدْرِي بِكَفِّهِ) وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ فَبِي المَوْتُ (أَيْ: كَادَ يَنْزِلُ بِي المَوْتُ مِنْ شِدَّةِ الوَجَعِ وَلَمْ أَتَحَرَّكْ حَتَّى لَا أُزْعِجَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَوْجَعَنِي.

ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ.

فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ الآيَةَ.

فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَةٌ لَهُمْ.

فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الفَجْرِ، الْتَمَسَ المَاءَ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الوُضُوءِ وَفِي ثَنَايَاهَا مَشْرُوعِيَّةُ التَّيَمُّمِ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ قَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى فَسَقَطَ أَيْضَاً عِقْدِي، حَتَّى حَبَسَ الْتِمَاسُهُ النَّاسَ، وَاطَّلَعَ الْفَجْرُ، فَلَقِيتُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مَا شَاءَ اللهُ، وَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّةُ، فِي سَفَرٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وَبَلَاءً وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ الرُّخْصَةَ بِالتَّيَمُّمِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا وَاللهِ يَا بُنَيَّةُ إِنَّكِ لِمَا عَلِمْتُ مُبَارَكَةٌ.

وَالثَّابِتُ في السِّيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ مُنْذُ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إِلَّا بِوُضُوءٍ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَالحِكْمَةُ في نُزُولِ آيَةِ الوُضُوءِ، مَعَ تَقَدُّمِ العَمَلِ بِهِ، لِيَكُونَ فَرْضُهُ مَتْلُوَّاً بِالتَّنْزِيلِ.

لِأَنَّ الوُضُوءَ شَرِيعَةٌ قَدِيمَةٌ، كَانَ في الشَّرَائِعِ السَّابِقَةِ، وَلَيْسَ مُخْتَصَّاً بِأُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بِدَلِيلِ ما رواه البيهقي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَقَالَ: «هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ».

ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: «هَذَا وُضُوءُ مَنْ يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ».

ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ ثَلَاثَاً ثَلَاثَاً فَقَالَ: «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالوُضُوءُ شُرِعَ مَعَ فَرِيضَةِ الصَّلَاةِ، وَنَزَلَتِ الآيَةُ في المَدِينَةِ وَذُكِرَ فِيهَا الوُضُوءُ وَرُخْصَةُ التَّيَمُّمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3435 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2023-02-25
 1192
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 966
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-02-06
 933
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 430
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 458
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 514
في قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ قَالَ تعالى عَنْ قَابِيلَ القَاتِلِ: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾. وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ، فَلِمَاذَا كُلَّمَا قَتَلَ إِنْسَانٌ آخَرَ ظُلْمًا يَتَحَمَّلُ قَابِيلُ وِزْرَهُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413662505
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :