التعامل مع زوجة الأب

9563 - التعامل مع زوجة الأب

22-03-2019 20078 مشاهدة
 السؤال :
ما هو الواجب عليَّ وعلى إخوتي وأخواتي تجاه زوجة أبي؟ وهل هي من الأرحام التي يجب صلتها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9563
 2019-03-22

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: زَوْجَةُ الأَبِ لَا تُعْتَبَرُ مِنَ الأَرْحَامِ التي يَجِبُ وَصْلُهَا، وَلَا يَنْدَرِجُ مَنْ قَطَعَهَا تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾.

ثانياً: بِرُّ الأَبِ مَطْلُوبٌ شَرْعَاً، وَلَا يَسْتَطِيعُ الأَبْنَاءُ مُكَافَأَةَ الأَبِ عَلَى إِحْسَانِهِ، إِلَّا أَنْ يَجِدُوهُ عَبْدَاً رَقِيقَاً، فَيَشْتَرُوهُ، وَيُعْتِقُوهُ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَاً، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكَاً فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ».

وَمَنْزِلَةُ الأَبِ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا إِلَّا مَنِ اسْتَحْضَرَ وُقُوفَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ، روى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ».

وَمِنْ بِرِّ الوَالِدِ أَنْ يُكْرِمَ الأَبْنَاءُ وَالبَنَاتُ زَوْجَةَ أَبِيهِمْ، وَأَنْ يَصِلُوهَا، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ أَبُوهُمْ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ، لِأَنَّ طَاعَةَ الوَالِدِ في غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى وَاجِبَةٌ عَلَى الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ، وَخَاصَّةً إِذَا أَقْسَمَ عَلَيْهِمْ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَرَّ قَسَمَهُمَا، وَقَضَى دَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَسْتَسِبَّ لَهُمَا كُتِبَ بَارَّاً، وَإِنْ كَانَ عَاقَّاً، وَمَنْ لَمْ يَبَرَّ قَسَمَهُمَا، وَلَمْ يَقْضِ دَيْنَهُمَا، وَاسْتَسَبَّ لَهُمَا كُتِبَ عَاقَّاً، وَإِنْ كَانَ بَارَّاً فِي حَيَاتِهِمَا» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكُمْ شَرْعَاً أَنْ تَصِلُوا زَوْجَةَ أَبِيكُمْ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ بِأَمْرٍ مِنْ أَبِيكُمْ، لِأَنَّ طَاعَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ.

كَمَا يَجِبُ عَلَيْكُمُ احْتِرَامُهَا وَتَقْدِيرُهَا إِكْرَامَاً لِوَالِدِكُمْ إِذَا كُنْتُمْ حَرِيصِينَ عَلَى بِرِّهِ، وَالتَّقَرُّبِ إلى اللهِ تعالى، وَنَيْلِ رِضَاهُ، لِأَنَّهُ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه البيهقي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «رِضَا اللهِ مِنْ رِضَا الوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللهِ مِنْ سَخَطِ الوَالِدَيْنِ».

وَاحْذَرُوا مِنْ قَوْلِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ: (زَوْجَةُ الأَبِ مَا بتنحب، ولو منزلة من الرب) هَذَا القَوْلُ وَأَمْثَالُهُ قَدْ يُوقِعُ الأَوْلَادَ في العُقُوقِ، وَالعَاقُّ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَهْمَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ، لِمَا وَرَدَ في الأَثَرِ: فَلْيَعْمَلِ العَاقُّ مَا شَاءَ فَلَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ، وَليَعْمَلِ البَارُّ مَا شَاءَ أَنْ يَعْمَلَ فَلَنْ يَدْخُلَ النَّارَ.

وَزَوْجَةُ الأَبِ لَا تُعْتَبَرُ مِنَ الأَرْحَامِ بِالنِّسْبَةِ لِأَوْلَادِ الزَّوْجِ، وَلَكِنْ صِلَتُهَا تَجِبُ إِكْرَامَاً للأَبِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
20078 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  بر الوالدين وصلة الأرحام

 السؤال :
 2022-12-25
 318
رَجُلٌ أُصِيبَ وَالِدُهُ بِمَرَضِ الإِيدز، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَيْهِ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، فَمَاذَا يَصْنَعُ مَعَ وَالِدِهِ؟
 السؤال :
 2020-07-16
 2383
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ خَالَتَهُ، وَأَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا، وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا؟
 السؤال :
 2020-07-02
 5397
مَا حُكْمُ مُنَادَةِ الوَالِدِ: يَا حَاج، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ؟
 السؤال :
 2019-05-23
 4307
هل هناك علاقة بين وصل الرحم والرزق؟
 السؤال :
 2018-10-06
 1968
زوجتي صاحبة دين وخلق، وأنا وإياها في حالة تفاهم ووفاق، ولكن والديَّ يطلبان مني أن أطلقها، وأنا لا أرغب، وإذا لم أطلق سيطردانني إن دخلت بيتهما، فهل أعتبر قاطعاً للرحم إذا لم أطلق، ومنعاني من وصلهما؟
 السؤال :
 2018-10-06
 374
هل من حق الرجل أن يمنع زوجته من صلة أرحامها، لأنهم منعوها من حقها في الميراث؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411964149
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :