من هو الذبيح؟

9515 - من هو الذبيح؟

02-03-2019 585 مشاهدة
 السؤال :
من هو الذبيح الذي أُمِرَ سيدنا إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بذبحه، هل هو إسماعيل أم إسحاق؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9515
 2019-03-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: قَالَ اللهُ تعالى عَنْ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلَاءُ المُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾.

روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ: حَـضَرْنَا مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَتَذَاكَرَ القَوْمُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ.

فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ إِسْحَاقُ الذَّبِيحُ.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: سَقَطْتُمْ عَلَى الخَبِيرِ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلَّفْتُ البِلَادَ يَابِسَةً، وَالمَاءَ يَابِسَاً، هَلَكَ المَالُ وَضَاعَ العِيَالُ، فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ يَا بْنَ الذَّبِيحَيْنِ.

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ.

فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَمَا الذِّبِيحَانِ؟

قَالَ: إِنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ لَمَّا أَمَرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ نَذَرَ للهِ إِنْ سَهَّلَ اللهُ أَمْرَهَا أَنْ يَنْحَرَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَأَخْرَجَهُمْ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمْ، فَخَرَجَ السَّهْمُ لِعَبْدِ اللهِ، فَأَرَادَ ذَبْحَهُ فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَقَالُوا: أرْضِ رَبَّكَ وَافِدِ ابْنَكَ.

قَالَ: فَفَدَاهُ بِمِائَةِ نَاقَةٍ.

قَالَ: فَهُوَ الذَّبِيحُ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي».

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا ابْنُ الذَّبِيحَيْنِ» رواه الحاكم.

ثانياً: ذَهَبَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ إلى أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ سَيِّدُنَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا نَجَّاهُ اللهُ تعالى مِنَ النَّارِ وَهَاجَرَ مِنْ أَرْضِ العِرَاقِ إلى الشَّامِ ﴿وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. وَتَقَدَّمَتْ بِهِ السِّنُّ وَلَمْ يُنْجِبْ، طَلَبَ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَلَدَاً، فَاسْتَجَابَ اللهُ لِدُعَائِهِ عِنْدَمَا قَالَ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾. وَكَانَ هَذَا الغُلَامُ مِنْ هَاجَرَ المِصْرِيَّةِ وَهُوَ بِالشَّامِ، وَهُوَ سَيِّدُنَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَلَمَّا لَمْ تُنْجِبْ زَوْجَتُهُ الأُولَى، وَدَخَلَتِ الغَيْرَةُ إلى قَلْبِهَا أَمَرَهُ اللهُ تعالى أَنْ يُبْعِدَ عَنْهَا هَاجَرَ وَوَلَدَهَا، فَأَسْكَنَهَا في مَوْضِعِ مَكَّةَ، وَامْتَحَنَهُ اللهُ بِذَبْحِهِ لَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ.

أَمَّا وَلَدُهُ سَيِّدُنَا إِسْحَاقُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَجَاءَتِ البِشَارَةُ بِهِ بَعْدَ أَنْ بَـشَّرَهُ اللهُ تعالى بِإِسْمَاعِيلَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآيَاتُ، قَالَ تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. وَكَانَتْ هَذِهِ البِشَارَةُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِالذَّبْحِ لِإِسْمَاعِيلَ، قَالَ تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا، أَنَّ اللهَ تعالى عِنْدَمَا بَشَّرَهُ بِإِسْحَاقَ، قَالَ: ﴿وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾. وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ إِسْحَاقَ سَيُولَدُ وَيَكْبَرُ وَيَتَزَوَّجُ وَيُولَدُ لَهُ يَعْقُوبُ، فَكَيْفَ بَعْدَ هَذِهِ البِشَارَةِ يَأْتِيهِ الأَمْرُ بِذَبْحِهِ؟

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالذَّبِيحُ هُوَ سَيِّدُنَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّ اللهَ تعالى وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾. وَوَصْفُ الحِلْمِ تَجَلَّى عِنْدَمَا أَطَاعَ أَمْرَ رَبِّهِ في مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ، لِذَلِكَ لَمْ يَغْضَبْ وَلَمْ يَعْصِ، وَهَذَا مِنَ الحِلْمِ.

أَمَّا وَصْفُ سَيِّدِنَا إِسْحَاقَ فَقَدْ جَاءَ بِوَصْفِ العِلْمِ، عِنْدَمَا بَـشَّرَتِ المَلَائِكَةُ الكِرَامُ سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾.

وَسَيِّدُنَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ أَكْبَرُ مِنْ سَيِّدِنَا إِسْحَاقَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
585 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2023-02-25
 1175
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 947
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-02-06
 921
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 419
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 456
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 502
في قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ قَالَ تعالى عَنْ قَابِيلَ القَاتِلِ: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾. وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ، فَلِمَاذَا كُلَّمَا قَتَلَ إِنْسَانٌ آخَرَ ظُلْمًا يَتَحَمَّلُ قَابِيلُ وِزْرَهُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412673221
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :