7ـ أشراط الساعة: وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أعظم المصائب

7ـ أشراط الساعة: وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أعظم المصائب

 

 أشراط الساعة

7ـ وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أعظم المصائب

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فِيهَا، وإنَّ اللهَ يَبعَثُ من في القُبُورِ، والبَاقِي من عُمُرِ الدُّنيَا بالنِّسْبَةِ إلى مَا مَضَى مِنهَا قَلِيلٌ وقَلِيلٌ جِدَّاً، روى الإمام البخاري عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولَ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِن الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ».

وروى الإمام مسلم عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ ـ أَعْلَمَتْ ـ بِصَرْمٍ ـ بانْقطاعِها وَفَنائِها ـ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ ـ سَريعَة ـ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ ـ البقِيَّةُ اليَسِيرَةُ ـ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا ـ يجْمَعُها ـ صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَاماً لَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْراً، وَ وَاللهِ لَتُمْلَأَنَّ، أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ ـ الكثيرُ المُمْتَلئُ ـ مِنْ الزِّحَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ ـ صارَتْ فِيهَا قُرُوحٌ ـ أَشْدَاقُنَا، فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا، فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَصْبَحَ أَمِيراً عَلَى مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ، وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيماً وَعِنْدَ اللهِ صَغِيراً، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلَّا تَنَاسَخَتْ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَاقِبَتِهَا مُلْكاً، فَسَتَخْبُرُونَ وَتُجَرِّبُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا.

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى أَخفَى على جَمِيعِ خَلْقِهِ وَقْتَ قِيَامِ السَّاعَةِ، وجَعَلَ ذلكَ من خَصَائِصِ عِلْمِهِ، فَلَم يُطْلِعْ عَلَيهِ أَحَدَاً من عِبَادِهِ، لا مَلَكَاً مُقَرَّبَاً، ولا نَبِيَّاً مُرسَلاً، قَالَ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

ولكنْ، شَاءَ اللهُ تعالى أن يُعلِمَ خَلْقَهُ عن أَمَارَاتِهَا وعَلامَاتِهَا وأَشرَاطِهَا، وقد بَدَأَتْ هذهِ الأَمَارَاتُ والعَلامَاتُ والأَشرَاطُ تَظهَرُ وتَتَوَالَى بالظُّهُورِ بَعدَ بِعْثَةِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، والتي هيَ أَوَّلُ عَلامَةٍ من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ.

فَأَوَّلُ أَشرَاطِ السَّاعَةِ بِعْثَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ آخِرُ الأَنبِيَاءِ والمُرسَلِينَ بَعْثَاً، فَلا نَبِيَّ بَعدَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بل يَلِيهِ قِيَامُ السَّاعَةِ، كَمَا تَلِي السَّبَّابَةَ الوُسْطَى، وهذا هوَ مَعنَى قَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى. رواه الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

من أَشرَاطِ السَّاعَةِ وَفَاةُ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أيُّها الإخوة الكرام: من أَشرَاطِ السَّاعَةِ وعَلامَاتِهَا وَفَاةُ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري عن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتَّاً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ـ دَاءٌ يَأخُذُ الغَنَمَ فَيَسِيلُ مِن أُنُوفِهَا شَيءٌ فَتَمُوتُ فُجَاءَةً ـ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطاً، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ـ رَايَةٍ ـ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً».

وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أَعظَمِ المَصَائِبِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد كَانَتْ وَفَاةُ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من أَعظَمِ المَصَائِبِ التي أُصِيبَ بِهَا المُسلِمُونَ، حَيثُ أَظلَمَتِ الدُّنيَا في أَعيُنِ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، بَعدَ أن تَنَوَّرَت بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعدَ بِعْثَتِهِ وهِجْرَتِهِ إلى المَدِينَةِ المُنَوَّرَةِ.

روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِن الْمَدِينَةِ كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَظْلَمَ مِن الْمَدِينَةِ كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا فَرَغْنَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.

يَقُولُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يُرِيدُ أَنَّهُم وَجَدُوهَا تَغَيَّرَتْ عَمَّا عَهِدُوهُ في حَيَاتِهِ من الأُلفَةِ والصَّفَاءِ والرِّقَّةِ، لِفِقْدَانِ مَا كَانَ يَمُدُّهُم بِهِ من التَّعلِيمِ والتَّأدِيبِ. اهـ.

أيُّها الإخوة الكرام: بِوَفَاةِ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَاتَتِ النُّبُوَّةُ، وانقَطَعَ الوَحْيُ من السَّمَاءِ، ورُفِعَ أَمَانٌ من الأَمَانَيْنِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. لقد كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَانَاً للبَشَرِ، بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تُدْفَعُ النِّقَمُ والمِحَنُ والبَلايَا.

يَقُولُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما فِي قَولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ﴾: مَن آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ تَمَّتْ لَهُ الرَّحمَةُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن لَم يُؤمِن بِاللهِ وَرَسُولِهِ عُوفِيَ مِمَّا كَانَ يُصِيبُ الأُمَمَ فِي عَاجِلِ الدُّنيَا مِنَ العَذَابِ مِنَ الخَسفِ وَالمَسخِ وَالقَذفِ، فَذَلِكَ الرَّحمَةُ فِي الدُّنيَا. رواه البَيهَقِي في الدَّلائِل.

فِقْهُ أُمِّ أَيمَنَ:

أيُّها الإخوة الكرام: السَّيِّدَةُ بَرَكَةُ أُمُّ أَيمَنَ، مَولاةُ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وحَاضِنَتُهُ، وَرِثَهَا من أَبِيهِ، وأَعتَقَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ السَّيِّدَةَ خَدِيجَةَ الكُبْرَى رَضِيَ اللهُ عَنها، عِندَمَا تُوُفِّيَ سَيِّدُنا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَت تَبكِي بُكَاءً مَرِيرَاً لِفَقْدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ.

فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَد انْقَطَعَ مِن السَّمَاءِ.

فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ خُرُوجَ سَيِّدِنا رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من الدُّنيَا إِيذَانٌ بِنِهَايَةِ الدُّنيَا، وبِدَايَةِ الآخِرَةِ، فَهَل من مُغتَنِمٍ للقُرآنِ العَظِيمِ، الذي هوَ آخِرُ وَحْيٍ أَنزَلَهُ اللهُ تعالى لِعِبَادِهِ؟

لقد بَكَتِ السَّيِّدَةُ أُمُّ أَيمَنَ رَضِيَ اللهُ عَنها لانقِطَاعِ وَحْيِ السَّمَاءِ، فَهَل فِينَا من يَبكِي لِعَدَمِ صِلَتِهِ مَعَ كِتَابِ رَبِّهِ عزَّ وجلَّ؟

أُمُّ أَيمَنَ بَكَتْ، لأنَّهَا سَمِعَتْ قَولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: ﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾. فَمَا هيَ صِلَتُنَا مَعَ أَحسَنِ الحَدِيثِ؟

وهذا الحَبِيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: «اقْرَأْ عَلَيَّ القُرآنَ».

قَالَ:: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟

قَالَ: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي».

فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً﴾. قَالَ: «أَمْسِكْ» فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. رواه الإمامُ البُخاري عن عبدِ الله بن مسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

هَلَّا جَلَسْنَا هذهِ السَّاعَةَ في هذهِ الأَزمَةِ كَمَا جَلَسَتْ أُمُّ أَيمَنَ رَضِيَ اللهُ عَنها تَبكِي لانقِطَاعِ الوَحْيِ من السَّمَاءِ؟

 

اللَّهُمَّ وَفِّقنَا لما يُرضِيكَ عَنَّا. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 4/صفر/1435هـ، الموافق: 26/تشرين الثاني/ 2014م

 2014-11-26
 1528
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أشراط الساعة

23-12-2015 12802 مشاهدة
51ـ أشراط الساعة: تقارب الزمان

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي حَدَّثَنَا عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَلَمَّا تَظْهَرْ بَعْدُ، تَقَارُبُ الزَّمَانِ، وَقَد وَقَعَ مَبَادِيهِ وَلَمْ يَسْتَحْكِمْ. ... المزيد

 23-12-2015
 
 12802
09-12-2015 17762 مشاهدة
50ـ أشراط الساعة: قلة الرجال, وكثرة النساء

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي تَحَدَّثَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ذَهَابُ الرِّجَالِ، وَكَثْرَةُ النِّسَاءِ، بِحَيْثُ يَكُونُ لِكُلِّ خَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ. ... المزيد

 09-12-2015
 
 17762
02-12-2015 6301 مشاهدة
49ـ أشراط الساعة: مرور الرجل بقبر, يتمنى لو كان مكانه

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، والتي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ بِشَكْلٍ عَامٍّ؛ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرٍ من القُبُورِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، ... المزيد

 02-12-2015
 
 6301
25-11-2015 28003 مشاهدة
48ـ أشراط الساعة: الريح الطيبة التي تأخذ أرواح المؤمنين

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: إِرْسَالُ رِيحٍ لَطِيفَةٍ بَارِدَةٍ تَقْبِضُ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ، ... المزيد

 25-11-2015
 
 28003
17-11-2015 5749 مشاهدة
47ـ أشراط الساعة: شمول الإسلام أرجاء المعمورة

مِن عَلَامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ: اِنْتِشَارُ الإِسْلَامِ في أَرْجَاءِ المَعْمُورَةِ، حَتَّى يَشْمَلَ جَمِيعَ مَا على سَطْحِ الأَرْضِ، بِحَيْثُ لا يَبْقَى بَيْتُ حَجَرٍ، ولا وَبَرٍ، ولا مَدَرٍ، إلا وَيَدْخُلُهُ هذا الدِّينُ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، ... المزيد

 17-11-2015
 
 5749
11-11-2015 10811 مشاهدة
46ـ أشراط الساعة: نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيُّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ. ... المزيد

 11-11-2015
 
 10811

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413193939
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :