3ـ الشيخ أحمد الترمانيني رَحِمَهُ اللهُ تعالى

3ـ الشيخ أحمد الترمانيني رَحِمَهُ اللهُ تعالى

3ـ الشيخ أحمد الترمانيني رَحِمَهُ اللهُ تعالى

1208/1293هـ

1793/1876م

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَعلَامِ حَضَارَتِنَا الإِسْلَامِيَّةِ، كَانَ في الآخِرِينَ مَوْرِدَاً، وَلَكِنَّهُ كَانَ في الأَوَّلِينَ مَسْلَكَاً، رَجُلٌ لَمْ تَرَ حَلَبُ مِثْلَهُ في زَمَنِهِ عِلْمَاً وَعَمَلَاً وَصَلَاحَاً وَفَضْلَاً.

إِنَّهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ الشَّيْخِ عَبْدِ الكَرِيمِ بْنِ عِيسَى التِّرْمَانِينِيِّ.

وُلِدَ في تِرْمَانِينَ، من قُرَى حَلَبَ: عام 1208 هـ / 1793 م.

وَشَرَعَ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ في حِفْظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَطَلَبِ العِلْمِ في مُحِيطِ عُلَمَاءِ حَلَبَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مِنَ العُمُرِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ عَامَاً رَحَلَ مَعَ أَخِيهِ الشَّيْخِ مُحَمَّد إلى القَاهِرَةِ، حَيْثُ لَزِمَ الجَامِعَ الأَزْهَرَ وَعُلَمَاءَهُ الكِبَارَ، أَمْثَالَ الشَّيْخِ حَسَن القُوَيْسِنِي، شَيْخِ الأَزْهَرِ، وَالشَّيْخِ أَحْمَد الدَّمْهُوجِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّيْخِ أَحْمَد الصَّاوِي المَالِكِيِّ، وَالشَّيْخِ مُحَمَّد الدَّمَنهُورِيِّ، وَالشَّيْخِ حَسَن العَطَّارِ، وَالشَّيْخِ البَيْجُورِيِّ، رَحِمَهُمُ اللهُ تعالى جَمِيعَاً.

عَادَ الشَّيْخُ إلى حَلَبَ، وَاشْتَغَلَ بِالتَّدْرِيسِ، وَفي عَامِ 1250 هـ تُوُفِّيَ أَخُوهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد ، فَتَوَلَّى عِوَضَاً عَنْهُ مَنْصِبَ إِفْتَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَوَظَائِفَهُ الأُخْرَى، مِثْلَ الدَّرْسِ في الجَامِعِ الكَبِير، وَالتَّدْرِيسِ في المَدْرَسَةِ العُثْمَانِيَّةِ وَالقُرْنَاصِيَّةِ، فَلَمْ يَلْبَثْ زَمَنَاً يَسِيرَاً حَتَّى تَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ رِجَالٌ كُثُرٌ، أَمْثَالُ الشَّيْخُ الكَبِيرُ مُحَمَّد الزَّرْقَا، وَالشَّيْخُ مُصْطَفَى الرِّيحَاوِيِّ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ القَادِر سُلْطَان، وَالشَّيْخُ عَلِي القَلْعَجِي، وَالشَّيْخُ عَقِيل الزُّوْيْتِنِي.

وَكَانَتْ لَهُ طَرِيقَةٌ في التَّدْرِيسِ، فَمِنَ الصَّبَاحِ إلى الظُّهْرِ كَانَتْ دُرُوسُهُ دُرُوسَاً خَاصَّةً في عُلُومٍ شَتَّى، وَمِنَ الظُّهْرِ إلى العَصْرِ كَانَ يَقْرَأُ دَرْسَاً عَامَّاً في الجَامِعِ الكَبِيرِ جَالِسَاً عَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ، وَيَشُدُّ المُسْتَمِعِينَ إِلَيْهِ، بِحَيْثُ لَا يَنْصَرِفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنَ المَجْلِسِ، وَكَانَ عَدَدُ الحُضُورِ لَا يَقِلُّ عَنْ أَلْفِ مُسْتَمِعٍ.

دَعَاهُ مَرَّةً وَالِي حَلَبَ جَوْدَت بَاشَا الذي هُوَ مِنْ تَلَامِيذِهِ إلى عَشَاءٍ في رَمَضَانَ، فَأَجَابَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ شَدِيدٍ، وَلَمَّا حَضَرَتْ مُقَدِّمَاتُ الطَّعَامِ (الشوربة) تَنَاوَلَ مِنْهَا لُقَيْمَاتٍ ثُمَّ قَامَ إلى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ دَعَاهُ إلى المَائِدَةِ مِنْ جَدِيدٍ.

فَقَالَ الشَّيْخُ: أَمَا تَعَشَّيْنَا؟

فَأُخْبِرَ الشَّيْخُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُقَدِّمَةً.

فَقَالَ: لَا، قَدِ اكْتَفَيْنَا؛ وَأَبَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى طَعَامِهِ شَيْئَاً.

لَهُ تَآلِيفٌ في التَّفْسِيرِ وَالفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ، لَهُ كِتَابُ تَفْسِيرِ القْرَآنِ العَظِيمِ، وَشَرْحٌ عَلَى قَطْرِ النَّدَى في النَّحْوِ، وَتَعْلِيقَاتٌ عَلَى البُخَارِيِّ، وَرِسَالَةٌ في أَحْكَامِ الإِمَامِ وَالمُقْتَدِي، وَاشْتُهِرَ الشَّيْخُ بِالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَكَانَ دَيْدَنُهُ التَّأْلِيفُ بَيْنَ النَّاسِ وَالجَمْعُ بَيْنَ القُلُوبِ، وَقَدِ اخْتَارَهُ اللهُ تعالى إلى جِوَارِهِ عام 1293 هـ 1876م

وَذَلِكَ يَوْمَ الأحد 13 ربيع الثاني بَعْدَ عُمُرٍ حَافِلٍ بِالعِلْمِ وَالعَطَاءِ، وَدُفِنَ في مَقْبَرَةِ الجُبَيْلَةِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَرَحِمَ سَائِرَ عُلَمَاءِ المُسْلِمِينَ.

وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 5/ ربيع الأول /1439هـ، الموافق: 23/ تشرين الثاني / 2017م

 2020-01-05
 1037
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب التراجم

16-01-2020 2663 مشاهدة
24ـ الإمام مالك وكتابه الموطأ

الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى كَانَ مِنْ سِمَاتِهِ أَنَّهُ يُجِيبُ عَمَّا يَقَعُ، وَكَانَ تَلَامِيذُهُ يَجْتَهِدُونَ أَحْيَانَاً أَنْ يَحْمِلُوهُ عَلَى الإِجَابَةِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تَقَعْ، فَلَا يُطَاوِعُهُمْ، وَلَا يُسَاقُ وَرَاءَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 2663
16-01-2020 938 مشاهدة
23ـ ترجمة الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ تعالى

مَالِكٌ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ نِسْبَةً إلَى ذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ. وُلِدَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 938
16-01-2020 6447 مشاهدة
22- الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ تعالى

فَلَقَد رَأَيْتُ لِزَامَاً عَلَيَّ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ للإِمَامِ الجَلِيلِ، وَالعَارِفِ بِاللهِ تعالى، التَّقِيِّ النَّقِيِّ الصَّالِحِ المُخْلِصِ المُخْلَصِ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 6447
14-01-2020 933 مشاهدة
21ـ الشيخ جميل العقاد رَحِمَهُ اللهُ تعالى (1)

هُوَ الشَّيْخُ جَمِيل بْنُ الشَّيْخِ مُحَمَّد ياسين العَقَّاد، وُلِدَ في حَيِّ الجَلُّومِ بِمَدِينَةِ حَلَبَ، مِنْ أَبَوَيْنِ كَرِيمَيْنِ وَأُسْرَةٍ ذَاتِ عِلْمٍ وَدِينٍ، فَقَدْ كَانَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد يَاسِين إِمَامَاً وَخَطِيبَاً ... المزيد

 14-01-2020
 
 933
14-01-2020 1741 مشاهدة
20ـ الشيخ محمد نجيب خياطة رَحِمَهُ اللهُ تعالى

هُوَ الشَّيْخُ مُحَمَّد نَجِيب بْنُ مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّد بْنِ عُمَر خَيَّاطَة الشَّهِيرُ بِآلا، وُلِدَ في حَيِّ الجَلُّومِ بِمَدِينَةِ حَلَبَ في شَهْرِ رَمَضَانَ عَامَ 1321هـ الموافق 1905م؛ لَمْ يَكُنْ وَالِدُهُ عَالِمَاً، لَكِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ ... المزيد

 14-01-2020
 
 1741
14-01-2020 1362 مشاهدة
19ـ الشيخ أحمد المكتبي الكبير رَحِمَهُ اللهُ تعالى

هُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ابْنُ الحَاجِّ مُصْطَفى بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّد الشَّهِيرِ بِالمَكْتَبِيِّ، العَالِمُ العَامِلُ وَالجَهْبَذُ الكَامِلُ، المُحَدِّثُ النَّحْوِيُّ الأُصُولِيُّ، ... المزيد

 14-01-2020
 
 1362

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411934589
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :