4ـ الشيخ إبراهيم السلقيني الجد رَحِمَهُ اللهُ تعالى

4ـ الشيخ إبراهيم السلقيني الجد رَحِمَهُ اللهُ تعالى

4ـ الشيخ إبراهيم السلقيني الجد رَحِمَهُ اللهُ تعالى

1264/1367هـ

1847/1947م

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الشَّيْخُ إِبْرَاهِيم سَلْقِينِي الكَبِيرُ ابْنُ الشَّيْخِ مُحَمَّد ابْنِ الحَاج سَعِيد خَطِيب المَشْهور بِالسَّلْقِينِيِّ.

وُلِدَ في حَلَبَ 1847م في أُسْرَةٍ عُرِفَتْ بِالعِلْمِ وَالتَّقْوَى، تَلَقَّى العِلْمَ عَنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ، أَمْثَالِ: الشَّيْخِ مُحَمَّد الجَزْمَاتِيِّ، وَالشَّيْخِ مُحَمَّد عَبْدُ المُعْطِي، وَالشَّيْخِ بَكْرِي الزُّبَرِي، وَغَيْرِهِمْ؛ وَلَعَلَّ وَالِدَهُ الشَّيْخَ مُحَمَّد سَلْقِينِي هُوَ المُعِلِّمُ الأَوَّلُ في تَكْوِينِهِ العِلْمِيِّ.

قَامَ بِالتَّدْرِيسِ في الإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالقُرَنَاصِيَّةِ وَالخُسْرَوِيَّةِ، وَتَخَرَّجَ عَلَى يَدَيْهِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ العُلَمَاءِ، كَمَا قَامَ مَعَ إِخْوَانِهِ بِتَأْسِيسِ المَدْرَسَةِ الخُسْرَوِيَّةِ التي كَانَتْ بِمُسْتَوَى الجَامِعَةِ الآنَ؛ وَكَانَ يَخْطُبُ الجُمُعَةَ في جَامِعِ الطَّوَاشِي بِحَلَبَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ عَامَاً.

مِنْ شُيُوخِهِ كَمَا قَالَ ابْنُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد أَنَّهُ أَدْرَكَ الشَّيْخَ التِّرْمَانِينِيَّ صَغِيرَاً، وَالشَّيْخَ عَبْدَ اللهِ السُّلْطَانَ الجَدَّ الكَبِيرَ؛ تَلَقَّى العِلْمَ في الأَزْهَرِ، وَكَانَ فَقِيهَاً، نَحْوِيَّاً، مَنْطِقِيَّاً، أُصُولِيَّاً، فَرَضِيَّاً، شَاعِرَاً، وَبَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنَ الأَزْهَرِ عُيِّنَ مُدَرِّسَاً في الجَامِعِ الأُمَوِيِّ، وَمُدَرِّسَاً في الإِسْمَاعِيلِيَّةِ مَدْرَسَةِ آبَائِهِ.

كَانَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ شَيْخَاً مُرَبِّيَاً في الطَّرِيقَةِ الرِّفَاعِيَّةِ وَالبَدَوِيَّةِ، وَقَدْ أَخَذَ ذَلِكَ عَنِ الشَّيْخِ مَحْمُود النَّابُلْسِيِّ؛ نَشَرَ العِلْمَ في مُحِيطِ أُسْرَتِهِ أَوَّلَاً، وَفِي المَسْجِدِ وَالمَدْرَسَةِ، كَانَتْ لَهُ حَلْقَةُ ذِكْرٍ في المَدْرَسَةِ السبَاهِيَّةِ، حَيْثُ يَجْلِسُ الشَّيْخُ وَالحُضُورَ وَيَذْكُرُونَ اللهَ تعالى جُلُوسَاً بِوَقَارٍ وَخُشُوعٍ.

أَمَّا عَنْ أَثَرِهِ العِلْمِيِّ في حَلَبَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَعَلَّمَ في الخسروية من عَامِ تَأْسِيسِهَا 1922م حَتَّى عَامِ 1937م لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ العِلْمِ، وَلَهُمْ شَرَفُ الانْتِسَابِ إِلَيْهِ، وَالذينَ تَخَرَّجُوا عَلَى يَدَيْهِ في هَذِهِ المُدَّةِ كَثِيرُونَ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ مُحَمَّد بَلَنْغُو، وَالشَّيْخُ مُحَمَّد الحَكِيم، وَالشَّيْخُ مَعْرُوف الدَّوَالِيبِيِّ، وَالشَّيْخُ نَاجِي أَبُو صَالِح، وَالشَّيْخُ عُمَر البُوشِي، وَالشَّيْخُ نَجِيب الآلَا الخَيَّاطَة، وَالشَّيْخُ كَامِل السَّرْمِينِي، وَالشَّيْخُ عَبْدُ الغفور السَّرْمِينِي، وَالشَّيْخُ أَحْمَد القَلَّاش، وَالشَّيْخُ مُحَمَّد السَّلْقِينِي، وَالشَّيْخُ عُمَر المِكْنَاس، وَالشَّيْخُ بَكْرِي رَجَب، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ زَيْنُ العَابِدِينَ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّد المَلَّاح، وَالشَّيْخُ عَبْدُ البَاسِط خَلَف، وَالشَّيْخُ عَاكِف حَبَّال، وَالشَّيْخُ مُحَمَّد عَلِي الَمسْعُود؛ فَهَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ كَثِيرٌ مِنْ غَرْسِ وَثَمَرَاتِ الشَّيْخِ اليَانِعَةِ.

أَمَّا زُمَلَاؤُهُ في التَّدْرِيسِ بالخُسْرَوِيَّةِ: الشَّيْخُ عُمَر المَارْتِينِي مُدَرِّسُ الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّيْخُ أَحْمَد الزَّرْقَا مُدَرِّسُ الفِقْهِ الحَنَفِيِّ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّد النَّاشِد مُدَرِّسُ النَّحْوِ وَالبَلَاغَةِ، وَالشَّيْخُ أَسْعَد العَبَه جِي مُدَرِّسُ الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ وَالنَّحْوِ، وَالشَّيْخُ فَيْضُ اللهِ الكُرْدِيُّ مُدَرِّسُ التَّوْحِيدِ وَالمَنْطِقِ، وَالشَّيْخُ حُسَيْن الأُورْفَلِي مُدَرِّسُ الأُصُولِ، وَالشَّيْخُ رَاغِب الطَّبَّاخ مُدَرِّسُ السِّيرَةِ وَالحَدِيثِ، وَالشَّيْخُ أَحْمَد الشَّمَّاع مُدَرِّسُ التَّفْسِيرِ، وَالشَّيْخُ سَعِيد الإِدْلِبِي مُدَرِّسُ الفِقْهِ الشَّافِعِيِّ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ المُعْطِي مُدَرِّسُ الفَرَائِضِ، وَالشَّيْخُ عِيسَى البَيَانُونِي مُدَرِّسُ الأَخْلَاقِ، وَالشَّيْخُ عُمَر مُؤَذِّن مُدَرِّسُ القُرْآنِ وَالتَّجْوِيدِ، وَالشَّيْخُ أَبُو الفَضْلِ الكيلاني مُدِيرُ المَدْرَسَةِ.

كَمَا عَمَّرَ الرُّواقَ الغَرْبِيِّ لِمَسْجِدِ الطَّوَاشِي أَثْنَاءَ تَوَلِّيهِ مَهَامَ المَسْجِدِ، وَاشْتُهِرَ هَذَا المَسْجِدُ بِجَامِعِ السَّلْقِينِي، لِتَعَاقُبِ أُسْرَتِهِ عَلَى الإِمَامَةِ وَالخَطَابَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَإِقَامَةِ حَلْقَاتِ الذِّكْرِ فِيهِ.

كَانَ في عَامِ 1912م عُضْوَاً مُنْتَخَبَاً عَنْ مَدِينَةِ حَلَبَ عَنْ مَحَلَّةِ (سَاحَةِ بزة) وَكَانَ يَعْمَلُ في النَّسِيجِ (النول العَرَبِي) ولَهُ مَحَلُّ تِجَارِيٌّ يَكْسَبُ مِنْهُ الرِّزْقَ الحَلَالَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُوَجَّهَ إِلَيْهِ الوَظِيفَةُ في الأَوْقَافِ.

كَانَ الشَّيْخُ حَافِظَاً لِأَكْثَرِ القُرْآنِ، كَمَا كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالتَّهَجُّدِ وَالبُكَاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تعالى، حَتَّى كُفَّ بَصَرُهُ في آخِرِ عُمُرِهِ، وَعَوَّضَهُ اللهُ تعالى زِيَادَةً في البَصِيرَةِ.

حَكَى الشَّيْخُ الدكتور إِبْرَاهِيمُ حَفِيدُ الشَّيْخِ إِبْرَاهِيمَ (مُفْتي حَلَبَ) قَالَ: في اللَّحَظَاتِ الأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاةِ الشَّيْخِ كُنْتُ أَقْرَأُ أَمَامَهُ سُورَةَ الأَنْفَالِ، وَأَثْنَاءَ التِّلَاوَةِ أَخْطَأْتُ في تِلَاوَةِ آيَةٍ، فَأَشَارَ إِلَيَّ بِيَدِهِ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى الكَلَامِ، فَاسْتَدْرَكْتُ ذَلِكَ الخَطَأَ. وَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الكَرَامَاتِ ذُكِرَتْ عَلَى أَلْسُنِ كَثِيرٍ مِنَ العُلَمَاءِ وَتَلَامِيذِهِ المُقَرَّبِينَ. تُوُفِّيَ الشَّيْخُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ 19محرم 1367هـ المواق 3/12/1947م عَنْ عُمُرٍ يُنَاهِزُ المِائَةَ عَامٍ، صُلِّيَ عَلَيْهِ في جَامِعِ الطَّوَاشي، وَدُفِنَ في المَقْبَرَةِ الوسطانية (السفيرة) المُجَاوِرَة ِللشيخ جَاكِير؛ حَـضَر جِنَازَتَهُ كِبَارُ عُلَمَاءِ سُورية، كَمَا حَضَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّد أَبُو النَّصْر الحمْصِي بَعْدَ وَفَاتِهِ مُبَاشَرَةً، فَسَأَلُوه عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّنَا نَشُمُّ مَا لَا تَشُمُّونَهُ. رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ جِنَازَةً حَافِلَةً. وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 12/ ربيع الأول /1439هـ، الموافق: 30/ تشرين الثاني / 2017م

 2020-01-05
 919
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب التراجم

16-01-2020 2696 مشاهدة
24ـ الإمام مالك وكتابه الموطأ

الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى كَانَ مِنْ سِمَاتِهِ أَنَّهُ يُجِيبُ عَمَّا يَقَعُ، وَكَانَ تَلَامِيذُهُ يَجْتَهِدُونَ أَحْيَانَاً أَنْ يَحْمِلُوهُ عَلَى الإِجَابَةِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تَقَعْ، فَلَا يُطَاوِعُهُمْ، وَلَا يُسَاقُ وَرَاءَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 2696
16-01-2020 951 مشاهدة
23ـ ترجمة الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ تعالى

مَالِكٌ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ نِسْبَةً إلَى ذِي أَصْبَحَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ. وُلِدَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 951
16-01-2020 6571 مشاهدة
22- الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ تعالى

فَلَقَد رَأَيْتُ لِزَامَاً عَلَيَّ بَعْدَ أَنْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ رِيَاضِ الصَّالِحِينَ للإِمَامِ الجَلِيلِ، وَالعَارِفِ بِاللهِ تعالى، التَّقِيِّ النَّقِيِّ الصَّالِحِ المُخْلِصِ المُخْلَصِ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ ... المزيد

 16-01-2020
 
 6571
14-01-2020 946 مشاهدة
21ـ الشيخ جميل العقاد رَحِمَهُ اللهُ تعالى (1)

هُوَ الشَّيْخُ جَمِيل بْنُ الشَّيْخِ مُحَمَّد ياسين العَقَّاد، وُلِدَ في حَيِّ الجَلُّومِ بِمَدِينَةِ حَلَبَ، مِنْ أَبَوَيْنِ كَرِيمَيْنِ وَأُسْرَةٍ ذَاتِ عِلْمٍ وَدِينٍ، فَقَدْ كَانَ وَالِدُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد يَاسِين إِمَامَاً وَخَطِيبَاً ... المزيد

 14-01-2020
 
 946
14-01-2020 1773 مشاهدة
20ـ الشيخ محمد نجيب خياطة رَحِمَهُ اللهُ تعالى

هُوَ الشَّيْخُ مُحَمَّد نَجِيب بْنُ مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّد بْنِ عُمَر خَيَّاطَة الشَّهِيرُ بِآلا، وُلِدَ في حَيِّ الجَلُّومِ بِمَدِينَةِ حَلَبَ في شَهْرِ رَمَضَانَ عَامَ 1321هـ الموافق 1905م؛ لَمْ يَكُنْ وَالِدُهُ عَالِمَاً، لَكِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ ... المزيد

 14-01-2020
 
 1773
14-01-2020 1374 مشاهدة
19ـ الشيخ أحمد المكتبي الكبير رَحِمَهُ اللهُ تعالى

هُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ابْنُ الحَاجِّ مُصْطَفى بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّد الشَّهِيرِ بِالمَكْتَبِيِّ، العَالِمُ العَامِلُ وَالجَهْبَذُ الكَامِلُ، المُحَدِّثُ النَّحْوِيُّ الأُصُولِيُّ، ... المزيد

 14-01-2020
 
 1374

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413069931
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :