1ـ ليعلم الجميع من هو الرحمة المهداة

1ـ ليعلم الجميع من هو الرحمة المهداة

1ـ ليعلم الجميع من هو الرحمة المهداة

مقدمة الكلمة:

أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: البَشَرِيَّةُ جَمْعَاءُ هِيَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ للتَّعَرُّفِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، النَّاسُ جَمِيعًا مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْرِفُوا مَنْ هُوَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ؟ وَمَنْ هُوَ الرَّحْمَةُ المُهْدَاةُ؟

أولًا: يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْرِفُوا دِينَهُمْ، وَيَعْرِفُوا بِأَنَّ اللهَ تعالى هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وَأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى جَعَلَ نَبِيَّهُ الكَرِيمَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً مُهْدَاةً، وَنَبِيَّ الرَّحْمَةِ، وَرَسُولَ الرَّحْمَةِ، وَأَرْسَلَهُ بِالرَّحْمَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِيَتَّبِعُوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلِيَتَّصِفُوا بِذَلِكَ في أَخْلَاقِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَنْعَكِسَ َذلِكَ عَلَى جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ، لِيَنَالُوا بِذَلِكَ رَحْمَةَ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ، وَلِيَصِلُوا إلى مَقَامٍ قَالَ فِيهِ الحَبِيبُ الأَعْظَمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ» رواه الترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثانيًا: يَجِبُ عَلَى غَيْرِ المُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ العَظِيمَةَ التي أَرْسَلَهَا خَالِقُهُمْ للبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ، وَلِيَعْلَمُوا عِلْمَ اليَقِينِ بِأَنَّ الإِسْلَامَ هُوَ دِينُ الرَّحْمَةِ، فَلَا عُنْفَ وَلَا تَطَرُّفَ وَلَا غُلُوَّ، مَعَ كَوْنِهِ دِينَ الحُدُودِ وَالجِهَادِ، يُعْطِي لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مَهْمَا كَانَ، فَلَا مُحَابَاةَ، وَلَا جَوْرَ، وَلَا ظُلْمَ عَلَى أَحَدٍ.

يَجِبُ عَلَى غَيْرِ المُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ العَظِيمَةَ التي جَعَلَهَا اللهُ تعالى رَحْمَةً مُهْدَاةً، شَامِلَةً لِجَمِيعِ الخَلْقِ بِدُونِ اسْتِثْنَاءٍ، فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةٌ بِالنَّاسِ، وَرَحْمَةٌ بِالجِنِّ، وَرَحْمَةٌ بِالمَوْجُودَاتِ، بَلْ رَحْمَةٌ بِجَمِيعِ العَوَالِمِ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ المُسْلِمِينَ عَرَفُوا مَنْ هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَزَاحَمُوا مُحِبِّيهِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَلَزَاحَمُوا أَتْبَاعَهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ، وَلَزَاحَمُوا أَهْلَ طَاعَتِهِ عَلَى طَاعَتِهِ، لِأَنَّهُ بِحَقٍّ رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ لِجَمِيعِ العَوَالِمِ.

وَمَنْ تَنَكَّبَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ فَنَالَ جَزَاءَهُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

الوَاقِعُ المَرِيرُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَاقِعُ البَشَرِيَّةَ اليَوْمَ مَرِيرٌ، فَهُنَاكَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ شَابُوا في الإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ بِحَقٍّ، فَسَلَكُوا مَسْلَكًا غَيْرَ صَحِيحٍ فَأَسَاؤُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَأَسَاؤُوا لِدِينِهِمْ، وَأَسَاؤُوا لِنَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَأَمَّا غَيْرُ المُسْلِمِينَ فَحَدِّثْ عَنْهُمْ بِدُونِ حَرَجٍ، لَقَدْ أَسًاؤُوا وَبَالَغُوا في الإِسَاءَةِ، وَخَاصَّةً أَهْلَ الكِتَابِ، مَعَ أَنَّ اللهَ تعالى كَشَفَ لَنَا حَقِيقَتَهُمْ في كِتَابِهِ العَظِيمِ.

فَهَؤُلَاءِ الحَوَارِيُّونَ الذينَ تَعَنَّتُوا مَعَ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَطَلَبُوا مِنْهُ شَهَادَةً عَلَى صِدْقِهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ، وَذَلِكَ بِإِنْزَالِ مَائِدَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالُوا: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. فَكَيْفَ هُمْ مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

أَمَّا حَالُ اليَهُودِ مِنْ زَمَنِ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلى يَوْمِنَا هَذَا، فَحَدِّثْ عَنْهُمْ بِدُونِ حَرَجٍ، فَقَدْ كَذَبُوا سَيِّدَنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَكَذَبُوا رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَقَالُوا لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً﴾. وَقَالُوا: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾.

هُمْ قَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِسَاءَتُهُمْ لِأَنْبِيَائِهِمْ وَاضِحَةٌ، فَكَيْفَ حَالُهُمْ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ وَكَيْفَ حَالُهُمْ مَعَنَا إلى يَوْمِنَا هَذَا؟ فَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمٍ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ، يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ العُقَلَاءِ مِنْ بَنِي الـبَشَرِ، أَنْ يَقِفُوا مَعَ أَنْفُسِهِمْ وِقْفَةَ إِنْصَافٍ، وَأَنْ يَتَعَرَّفُوا عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَا يَنْدَمُوا، وَلَا يَقَعُوا تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.

اللَّهُمَّ عَرِّفْنَا عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَقَّ المَعْرِفَةِ. آمين.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 4/ صفر /1442هـ، الموافق: 21/ أيلول / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الرحمة المهداة   

24-01-2024 296 مشاهدة
34ـ ما كان يُكِنُّ قلبه الشريف من حرص على أمته

مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ المُهْدَاةِ بِهَذِهِ الأُمَّةِ، مَا كَانَ يُكِنُّهُ قَلْبُهُ الشَّرِيفُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِرْصٍ عَلَى أُمَّتِهِ، وَعَلَى هِدَايَتِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ، وَخَلَاصِهِمْ مِمَّا ... المزيد

 24-01-2024
 
 296
15-01-2024 243 مشاهدة
33ـ لا يأخذ أمته بالسنين

مِنْ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اخْتَبَأَ دَعْوَتَهُ لِأُمَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مَعَ أَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ ... المزيد

 15-01-2024
 
 243
02-01-2024 194 مشاهدة
32ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة (2)

مِنْ مَظَاهِرِ رَحْمَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِينَهُ وَشَرْعَهُ دِينُ يُسْرٍ لَا عُسْرَ فِيهِ، وَدِينُ رَحْمَةٍ لَا غِلْظَةَ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَعْنِي التَّسَاهُلَ في أُمُورِ ... المزيد

 02-01-2024
 
 194
07-12-2023 198 مشاهدة
31ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة

مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ الرَبَّانِيَّةِ بِالخَلِيقَةِ أَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ دِينَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دِينَ ... المزيد

 07-12-2023
 
 198
27-11-2023 395 مشاهدة
30ـ اليسر في دين الله عز وجل

قَالَ اللهُ تعالى في أَصْلِ هَذَا الدِّينِ، وَنِعْمَةِ اللهِ عَلَى البَشَرِيَّةِ بِبِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي ... المزيد

 27-11-2023
 
 395
26-09-2023 500 مشاهدة
29ـ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان للناس

لَقَدْ أَخْبَرَنَا اللهُ تعالى أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ رَسُولَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَانًا للنَّاسِ، لِذَا فَلَا يُصَابُونَ بِعَذَابِ اسْتِئْصَالٍ، كَمَا كَانَ في الأُمَمِ السَّابِقَةِ، كَمَا ... المزيد

 26-09-2023
 
 500

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413046834
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :