767ـ خطبة الجمعة: أيها الشاب، كن صاحب هامة لا تنحني

767ـ خطبة الجمعة: أيها الشاب، كن صاحب هامة لا تنحني

767ـ خطبة الجمعة: أيها الشاب، كن صاحب هامة لا تنحني

مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: هَنِيئًا لِمَنِ الْتَزَمَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

وَقَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

هَنِيئًا لِمَنْ زَوَّجَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ، هَنِيئًا لِمَنْ كَانَ سَبَبًا في إِعْفَافِ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ، وَكَانَ سَبَبًا في طَهَارَةِ المُجْتَمَعِ مِنْ أَدْنَاسِ الرَّذِيلَةِ، هَنِيئًا لِمَنْ كَانَ سَبَبًا في نَشْرِ الفَضِيلَةِ.

أَيُّهَا الشَّابُّ الذي لَا تَجِدُ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ:

يَا عِبَادَ اللهِ: إِنِّي أَتَوَجَّهُ إلى كُلِّ شَابٍّ مِنْ شَبَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ، مِمَّنْ لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ، لِأَقُولَ لَهُ:

أولًا: كُنْ صَاحِبَ هَامَةٍ لَا تَنْحَنِي:

يَا أَيُّهَا الشَّابُّ الذي لَا تَجِدُ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ، كُنْ صَاحِبَ هَامَةٍ لَا تَنْحَنِي، وَصَاحِبَ قَامَةٍ لَا تَنْثَنِي أَمَامَ المُحَرَّمَاتِ وَالفَوَاحِشِ، وَلَا تَسْتَسْلِمْ لَهَا، وَاحْذَرْ مِنَ الإِغْرَاءَاتِ، وَكُنْ كَذَاكَ الشَّابِّ الذي قَالَ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

كُنْ صَاحِبَ هَامَةٍ وَقَامَةٍ شَامِخَةٍ كَسَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، الذي اجْتَمَعَ في حَقِّهِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ في حَقِّ غَيْرِهِ، فَكَانَ شَابًّا في رَيْعَانِ الشَّبَابِ، مُكْتَمِلَ الرُّجُولَةِ، رَائِعَ الفُتُوَّةِ، دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَالسُّبُلُ مُيَسَّرَةٌ.

فَمَاذَا كَانَ مَوْقِفُهُ أَمَامَ هَذَا الإِغْرَاءِ، وَتِلْكَ الفِتْنَةِ التي تَخْطَفُ الأَبْصَارَ؟ هَل لَانَتْ نَفْسُهُ فَاسْتَسْلَمَ؟ هَلْ خَانَ عِرْضًا مِنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ؟ لَا، أَبَدًا، بَلْ قَالَ: ﴿مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾.

لَقَدْ حَاوَلَتِ امْرَأَةُ العَزِيزِ بِكَيْدِهَا وَمَكْرِهَا وَبِكُلِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلْوَانِ الإِغْرَاءِ وَالتَّهْدِيدِ أَنْ تُذِيبَ صَلَابَتَهُ، وَتُضَعْضِعَ شُمُوخَهُ، وَتُحْنِيَ هَامَتَهُ، وَتُثْنِيَ قَامَتَهُ، فَبَاءَتْ بِالفَشَلِ، وَصَرَّحَ بِكُلِّ شُمُوخٍ وَعِزَّةٍ: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.

ثانيًا: كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الاخْتِلَاطِ بِالنِّسَاءِ:

يَا أَيُّهَا الشَّابُّ الذي لَا تَجِدُ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ، كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الاخْتِلَاطِ بِالنِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ مَا اسْتَطَعْتَ إلى ذَلِكَ سَبِيلًا، حَافِظْ عَلَى عِفَّتِكَ، فَهِيَ حِجَابٌ وَوِقَايَةٌ لَكَ مِنَ الرَّذِيلَةِ، وَلَا تُمَزِّقْهَا بِالاخْتِلَاطِ المُحَرَّمِ، وَالْتَزِمْ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟

قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» رواه الشيخان عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَاحْذَرْ تَمْزِيقَ حِجَابِ العِفَّةِ بِخَلْوَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَاسْمَعْ هَدْيَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» رواه الإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثالثًا: كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الاسْتِمَاعِ إلى الأَغَانِي وَالمَعَازِفِ:

يَا أَيُّهَا الشَّابُّ الذي لَا تَجِدُ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ كُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الاسْتِمَاعِ إلى الأَغَانِي وَالمَعَازِفِ، فَقَدْ روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاللهِ مَا كَذَبَنِي: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

يَا أَيُّهَا الشَّابُّ الذي لَا تَجِدُ سَبِيلًا إلى الزَّوَاجِ، اتَّقِ اللهَ في أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَأَبْشِرْ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.

وَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ أَغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى لِي وَلَكَ الحِفْظَ وَالثَّبَاتَ، وَسَعَةَ الرِّزْقِ. آمين.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

**    **    **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 15/ ذو القعدة /1442هـ، الموافق: 25/حزيران / 2021م

 2021-06-25
 3137
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

28-03-2024 61 مشاهدة
906ـ خطبة الجمعة: القرآن خير دستور

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ وَاللهِ بِمَثَابَةِ الرُّوحِ للجَسَدِ، وَالنُّورِ للهِدَايَةِ، فَمَنْ لَمْ يَقْرَأِ القُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَهُوَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ ... المزيد

 28-03-2024
 
 61
21-03-2024 633 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 633
14-03-2024 969 مشاهدة
904ـ خطبة الجمعة: حافظوا على الطاعات والعبادات

فَيَا عِبَادَ اللهِ: كُلُّ عَامِلٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا لَهُ هَدَفٌ يُرِيدُ الوُصُولَ إِلَيْهِ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الفَانِيَةِ لَهُ غَايَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا. وَقِيمَةُ كُلِّ إِنْسَانٍ تَأْتِي ... المزيد

 14-03-2024
 
 969
08-03-2024 863 مشاهدة
903ـ خطبة الجمعة: استقبل شهر رمضان بالأمور الآتية

هَا نَحْنُ نَسْتَقْبِلُ شَهْرَ الصَّوْمِ، وَأَنْعِمْ بِالصَّوْمِ عِبَادَةً، بِهِ رَفْعُ الدَّرَجَاتُ، وَتَكْفِيرُ الخَطِيئَاتِ، وَكَسْرُ الشَّهَوَاتِ، وَتَكْثِيرُ الصَّدَقَاتِ، وَوَفْرَةِ الطَّاعَاتِ، وَشُكْرُ عَالِمِ الخَفِيَّاتِ، وَالانْزِجَارُ ... المزيد

 08-03-2024
 
 863
09-02-2024 2557 مشاهدة
902ـ خطبة الجمعة: حاله صلى الله عليه وسلم في شعبان

إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَتَقَلَّبُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَمُدُّ اللهُ تعالى لَهُ في أَجَلِهِ، وَكُلَّ يَوْمٍ يَبْقَاهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا هُوَ غَنِيمَةٌ لَهُ لِيَتَزَوَّدَ مِنْهُ لِآخِرَتِهِ، وَيَحْرُثَ فِيهِ مَا اسْتَطَاعَ، ... المزيد

 09-02-2024
 
 2557
02-02-2024 2259 مشاهدة
901ـ خطبة الجمعة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ﴾

لِنَكنْ جَمِيعًا عَلَى يَقِينٍ أَنَّنَا سَنَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾. أَلَا وَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ في الجَنَّةِ، وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّ ... المزيد

 02-02-2024
 
 2259

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411990987
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :