السؤال :
امْرَأَةٌ ابْتُلِيَتْ بِصِهْرٍ سَيِّئِ الأَخْلَاقِ، وَقَلِيلِ دِينٍ، وَلَا يَتَّقِي اللهَ تعالى في عَلَاقَاتِهِ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَخَذَ يُرَاوِدُ أُمَّ زَوْجَتِهِ عَنْ نَفْسِهَا، وَلَا تَدْرِي مَاذَا تَفْعَلُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11976
 2022-06-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا مِنْ نَتَائِجِ سُوءِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ، فَقَدْ أَعْرَضَ الكَثِيرُ عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

رَغِبُوا بِالمَالِ، وَرَغِبُوا بِالشَّهَادَاتِ، وَبِالبُيُوت وَالمَحَلَّاتِ وَالسَّيَّارَاتِ وَالشُّهْرَةِ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِنْ مَظَاهِرِ الدُّنْيَا. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: اللَّامُبَالَاةُ بِالحِجَابِ أَمَامَ الصِّهْرِ طَامَّةٌ كُبْرَى، حَيْثُ تَظْهَرُ أُمُّ الزَّوْجَةِ أَمَامَ صِهْرِهَا بِالثِّيَابِ الضَّيِّقَةِ، وَرُبَّمَا الشَّفَافَةِ وَالقَصِيرَةِ مَعَ المِكْيَاجِ، وَكَثْرَةِ المُزَاحِ، كُلُّ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ الفِتْنَةِ.

ثَالِثًا: الزِّنَا كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ تعالى فَاعِلَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾.

والزِّنَا بِحَلِيلَةِ الجَارِ يَأْتِي في المَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الكُفْرِ، وَبَعْدَ قَتْلِ الوَلَدِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟

قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ».

قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ».

قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».

وَإِنَّمَا كَانَ الزِّنَا بِزَوْجَةِ الجَارِ بِهَذِهِ المَرْتَبَةِ، لِأَنَّ الجَارَ يَتَوَقَّعُ مِنْ جَارِهِ الذَّوْدَ عَنْهُ وَالدِّفَاعَ عَنْ حَرِيمِهِ، وَيَرْكَنُ إِلَيْهِ، وَيَأْمَنُ بَوَائِقَهُ، فَالاعْتِدَاءُ عَلَى عِرْضِهِ خِيَانَةٌ كُبْرَى، فَكَيْفَ بِالصِّهْرِ الذي يَدْخُلُ بَيْتَ أَهْلِ زَوْجَتِهِ كَأَنَّهُ وَلَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الأُسْرَةِ، ثُمَّ تَكُونُ الخِيَانَةُ مِنْهُ؟ إِنَّهَا طَامَّةٌ كُبْرَى.

وَالزِّنَا بِالمَحَارِمِ لَيْسَ كَغَيْرِهِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: يَا يَهُودِيُّ، فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ، وَإِذَا قَالَ: يَا مُخَنَّثُ، فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ، وَمَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ».

فَهَذَا الرَّجُلُ الذي يُرَاوِدُ أُمَّ زَوْجَتِهِ عَنْ نَفْسِهَا، عَلَى مُنْكَرٍ خَطِيرٍ وَوِزْرٍ كَبِيرٍ.

وَإِذَا خِيفَتِ الفِتْنَةُ بِذَاتِ المَحْرَمِ صَارَتْ كَالأَجْنَبِيَّةِ سَدًّا لِبَابِ الفِتْنَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ بِهَا، وَلَا يُصَافِحَهَا، وَلَا يُحَدِّثَهَا إِلَّا بِالمَعْرُوفِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذَا الرَّجُلُ لَا يُؤْمَنُ جَانِبُهُ، وَعَلَى المَرْأَةِ أَنْ لَا تُجَالِسَهُ، وَلَا تُكَلِّمَهُ، وَلَا تُوَاجِهَهُ؛ وَإِذَا أَصَرَّ عَلَى مُرَاوَدَتِهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تُعْلِمَ زَوْجَهَا، وَإِنِ اسْتَطَاعَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا تَخْلِيصَ ابْنَتِهَا مِنْهُ فَهُوَ الأَوْلَى، لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الإِنْسَانِ لَا يُؤْمَنُ جَانِبُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.