طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ أَنْ تَرْفُضَ هَذَا الزَّوْجَ الذي لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا لِامْرَأَةٍ صَاحِبَةِ دِينٍ وَخُلُقٍ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ أَبًا مُرَبِّيًا لِأَوْلَادِهِ، وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْهُ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى هَذَا الزَّوْجِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تعالى عَلَى نِعْمَةِ هَذِهِ الزَّوْجَةِ، التي كَانَتْ تُحَرِّضُهُ عَلَى التَّوْبَةِ، وَصَبَرَتْ عَلَيْهِ كَثِيرًا لَعَلَّهُ يَتُوبُ، وَلَكِنَّهُ بَقِيَ مُصِرًّا عَلَى المَعْصِيَةِ، حَتَّى دَفَعَهَا ذَلِكَ للخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ، وَعَرَّضَ نِعْمَةَ الزَّوَاجِ للزَّوَالِ بِسَبَبِ المَعْصِيَةِ، رَوَى أَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسِنُوا جِوَارَ نِعَمِ اللهِ، لَا تُنَفِّرُوهَا، فَقَلَّمَا زَالَتْ عَنْ قَوْمٍ فَعَادَتْ إِلَيْهِمْ».
ثَالِثًا: مِنْ حَقِّهَا أَنْ لَا تُصَدِّقَ الزَّوْجَ الذي اتَّصَفَ بِصِفَاتِ المُنَافِقِينَ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَخَاصَّةً أَنَّ الخُلْفَ في الوَعْدِ كَانَ مُتَكَرِّرًا، فَكَيْفَ سَتُصدِّقُهُ؟
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَأَنَا أَنْصَحُ هَذَا الزَّوْجَ أَنْ يَصْدُقَ في تَوْبَتِهِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يَتَّقِيَ اللهَ تعالى القَائِلَ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.
وَأَنْ يُوَجِّهَ أَهْلَ الخَيْرِ وَالصَّلَاحِ للإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ للهِ تعالى مُقَلِّبِ القُلُوبِ، وَأَنْ يُحَافِظَ عَلَى صَلَوَاتِهِ، وَأَنْ يَتْرُكَ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَالجَوَّالَ الذي أَفْسَدَ عَلَيْهِ دِينَهُ.
كَمَا أَنْصَحُ الزَّوْجَةَ الكَرِيمَةَ أَنْ تُعْطِيَهُ الفُرْصَةَ الأَخِيرَةَ لَعَلَّهُ يَتُوبُ إلى اللهِ تعالى عَلَى يَدَيْهَا، وَلْتذْكُرْ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |