طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ذَهَبَ أَكثَرُ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ سُورَةَ الفَلَقِ هيَ سُورَةٌ مَدَنِيَّةٌ، ولَيسَت مَكِّيَّةً، وهذا قَولُ سَيِّدِنَا عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وقَتَادَةُ، وأبِي صَالِحٍ، وهذا القَولُ الصَّحِيحُ، لأنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا سِحْرُ اليَهُودِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كما جَاءَ حَدِيثُ سِحْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الصَّحِيحِ.
وبناء على ذلك:
فالسُّورَةُ مُختَلَفٌ فِيهَا هل هيَ مَكِّيَّةٌ أم مَدَنِيَّةٌ، وأَصَحُّ الأَقوَالِ بأنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، كما جَاءَ في أَسبَابِ النُّزُولِ للنَّيسابُورِيِّ، وللسُّيُوطِيِّ، وفي تَفسِيرِ القُرطُبِيِّ.
وقد يَقُولُ قَائِلٌ: كَيفَ تَكُونُ مَكِّيَّةً، ويَكُونُ سَبَبُ نُزُولِهَا ما وَقَعَ من سِحْرٍ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
ويُجَابُ على ذلكَ: بأنَّ سُورَةَ الفَلَقِ لَيسَت مَكِّيَّةً، وإنَّمَا هيَ من السُّوَرِ المُختَلَفِ فِيهَا، والأَرجَحُ أنَّهَا مَدَنِيَّةٌ كما في الصَّحِيحِ.
وقَالَ الأَلُوسِيُّ ـ بَعدَ أن حَكَى الخِلافَ، ورَجَّحَ أنَّهَ مَدَنِيَّةٌ ـ: فلا يُلتَفَتُ لمن قَالَ بِمَكِّيَّتِهَا، حتَّى ولو سَلَّمْنَا بأنَّهَا مَكِّيَّةٌ، فإنَّهُ لا يَلزَمُ مِنهُ أنَّهَا لا تَكُونُ عِلاجَاً للسِّحْرِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |