طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: اِختَلَفَ الفُقَهَاءُ في حُكْمِ الالتِقَاطِ بَينَ النَّدْبِ والغَضِّ والاستِحبَابِ، والحَرَامِ إذا كَانَ المُلتَقِطُ يَعلَمُ الخِيَانَةَ من نَفْسِهِ، والذي أَرَاهُ وُجُوبَ الالتِقَاطِ للإِنسَانِ الأَمِينِ، وخَاصَّةً في هذهِ الظُّرُوفِ، حَيثُ كَثُرَ الخَائِنُونَ.
ثانياً: يَجِبُ على المُلتَقِطِ أن يُعَرِّفَ على اللُّقَطَةِ سَنَةً كَامِلَةً، وخَاصَّةً إذا كَانَت كَبِيرَةً أو كَثِيرَةً، ويُعَرِّفُ عَلَيهَا في المَكَانِ الذي وَجَدَهَا فِيهِ، وعلى أَبوَابِ المَسَاجِدِ والجَوَامِعِ، أو على بَعْضِ وَسَائِلِ الإِعلامِ المُيَسَّرَةِ، كَمَا يُعَرِّفُهَا في الأَسوَاقِ، وأَمَاكِنِ السَّفَرِ.
ثالثاً: يَدُ المُلتَقِطِ يَدُ أَمَانَةٍ لا يَضْمَنُهَا إلا إذا قَصَّرَ في حِفْظِهَا، ولا يَجُوزُ لَهُ أن يَتَصَدَّقَ بِهَا إلا بَعدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعرِيفِ، فإنْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعدَ مُضِيِّ المُدَّةِ على الفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ، وجَاءَ بَعدَ ذلكَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ، فَهُوَ ـ صَاحِبُ المَالِ ـ بِأَحَدِ خَيَارَاتٍ ثَلاثَةٍ:
1ـ إنْ شَاءَ أَمضَى الصَّدَقَةَ.
2ـ وإنْ شَاءَ ضَمَّنَ المُلتَقِطَ، لأنَّهُ سَلَّمَ مَالَهُ إلى غَيرِهِ بِغَيرِ إِذنِهِ.
3ـ وإنْ شَاءَ ضَمَّنَ الفُقَرَاءَ والمَسَاكِينَ، لأنَّهُم قَبَضُوا مَالَهُ بِغَيرِ إِذنِهِ.
وبناء على ذلك:
فإذا عَرَّفتَ على المَالِ مُدَّةَ سَنَةٍ، ولَم يَظهَرْ صَاحِبُ المَالِ، وكُنتَ فَقِيرَاً فاصْرِفْهُ على نَفسِكَ، وإلا تَصَدَّقْ بِهِ على الفُقَرَاءِ نِيَابَةً عن صَاحِبِ المَالِ، وإذا ظَهَرَ صَاحِبُ المَالِ فَعَلَيكَ أن تَرُدَّهُ إِلَيهِ، إلا إذا اسْتَسْمَحْتَهُ أو اسْتَحْلَلْتَهُ، أو أَجَازَ تَصَرُّفَكَ.
أو بِإِمكَانِكَ أن تَدفَعَهُ إلى حَاكِمٍ أَمِينٍ، أو قَاضٍ أَمِينٍ، للتَّخَلُّصِ من الضَّمَانِ، فإذا قَبِلَ أَحَدُهُمَا بذلكَ وَجَبَ عَلَيهِ حِفْظُهُ لِصَاحِبِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |