طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالَاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾.
فَاللهُ تعالى لَمْ يُرْسِلْ رَسُولَاً مِنَ النِّسَاءِ، لِأَنَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ، وَقَدْ حَصَرَهَا في الرِّجَالِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالَاً﴾. وَلِأَنَّ النِّسَاءَ أَضْعَفُ مِنَ الرِّجَالِ، فَالمَرْأَةُ عَاطِفِيَّةٌ ضَعِيفَةٌ قَاصِرَةُ العَقْلِ، وَأَمْرُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ يَتَطَلَّبُ الشِّدَّةَ، وَالقُوَّةَ، وَرَجَاحَةَ العَقْلِ، وَالاخْتِلَاطَ بِالرِّجَالِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَنَاسَبُ مَعَ طِبَاعِ المَرْأَةِ التي فُطِرَتْ عَلَيْهَا.
وبناء على ذلك:
فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُرْسِلْ رَسُولَاً مِنَ النِّسَاءِ، بَلْ حَصَرَ ذَلِكَ في الرِّجَالِ، لِأَنَّ الرِّسَالَةَ قَائِمَةٌ على التَّبْلِيغِ، وَفِيهَا جُهُودٌ عَظِيمَةٌ لِنَشْرِ الدَّعْوَةِ وَمُقَاوَمَةِ الفَسَادِ، وَالتَّغَلُّبِ على العَقَبَاتِ، وَاسْتِعْدَادَاتُ الرِّجَالَ تَتَنَاسَبُ مَعَ هَذِهِ المَهَمَّةِ، وَالأَصْلُ في الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ، وَالمَرْأَةُ خُلِقَتْ لِتُسَاعِدَهُ على تَحْقِيقِ هَذِهِ الخِلَافَةِ.
وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ خَاطَبَتْهُ المَلَائِكَةُ فَهُوَ نَبِيٌّ، فَقَدْ وَرَدَ في صَحِيحِ الإِمَامِ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلَاً زَارَ أَخَاً لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ (أَقْعَدَ) اللهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ (طَرِيقِهِ) مَلَكَاً فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟
قَالَ: أُرِيدُ أَخَاً لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ.
قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ (أَيْ: تَقُومُ بِإِصْلَاحِهَا).
قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ.
وَالحَدِيثُ المَشْهُورُ عِنْدَمَا أَرْسَلَ اللهُ تعالى مَلَكَاً للأَقْرَعِ وَالأَبْرَصِ وَالأَعْمَى، فَهَلْ كَانَ هَؤُلَاءِ مَنَ الأَنْبِيَاءِ؟ قَطْعَاً، لَا. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |