السؤال :
هَلْ يَجُوزُ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ في أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: عاجلًا غير آجلٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10540
 2020-07-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى الحاكم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَوَاكِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا (مَحْمُودَ العَاقِبَةِ) مَرِيعًا (مِنَ الرَّيْعِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ) عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ» فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ.

وَقَدْ ذَكَرَ العُلَمَاءُ بِأَنَّ طَلَبَ الاسْتِعْجَالِ في الدُّعَاءِ عَلَى نَوْعَيْنِ، مَحْبُوبٍ وَمَذْمُومٍ.

أَمَّا المَحْبُوبُ فَهُوَ الطَّلَبُ مِنَ اللهِ تعالى في تَعْجِيلِ المَطْلُوبِ، وَسُؤَالِ اللهِ تعالى قُرْبَ وُقُوعِ المَطْلُوبِ، مِنْ بَابِ الطَّمَعِ في كَرَمِ اللهِ تعالى وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَاللهُ تعالى يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُقَدِّرُوهُ قَدْرَهُ، فَهَذَا الاسْتِعْجَالُ مَحْبُوبٌ وَمَحْمُودٌ بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

وَأَمَا طَلَبُ الاسْتِعْجَالِ المَذْمُومِ فَهُوَ اسْتِبْطَاءُ الإِجَابَةِ، وَالتَّسَخُّطُ عَنِ اللهِ تعالى، وَالتَّشَكُّكُ في جُودِهِ وَكَرَمِهِ، وَالتَّذَمُّرُ في عَدَمِ تَحَقُّقِ المُرَادِ، وَهَذَا حَذَّرَنَا مِنْهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجُوزُ للدَّاعِي أَنْ يَسْأَلَ اللهَ تعالى مَا أَرَادَ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَنْ يَقُولَ: عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، وَهُوَ يَسْتَحْضِرُ جُودَ اللهِ وَكَرَمَهُ وَإِحْسَانَهُ وَفَضْلَهُ وَهُوَ طَامِعٌ بِرَحْمَتِهِ، بِدُونِ اسْتِبْطَاءِ الإِجَابَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.