السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ بِأَنَّ بَيْتًا لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10658
 2020-09-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ جَاءَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ» أَوْ «جَاعَ أَهْلُهُ» قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.

هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ فِيهِ بَيَانُ فَضِيلَةِ التَّمْرِ، وَجَوَازِ الادِّخَارِ للعِيَالِ مِنْهُ، وَالحَثُّ عَلَيْهِ.

روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلَالِ، ثُمَّ الهِلَالِ، ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَارٌ».

فَقُلْتُ يَا خَالَةُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟

قَالَتْ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا. هذا أولًا.

ثانيًا: هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ فِيهِ حَثٌّ عَلَى القَنَاعَةِ في بِلَادٍ يَكْثُرُ فِيهَا التَّمْرُ، وَالمَعْنَى: بَيْتٌ يَقْنَعُ أَهْلُهُ بِالتَّمْرِ لَيْسُوا بِجِيَاعٍ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالكَلَامُ صَحِيحٌ، لِوُرُودِ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ فِيهِ، وَالحَدِيثُ يَحُثُّ عَلَى القَنَاعَةِ وَالرِّضَا بِاليَسِيرِ، فَبَيْتٌ فِيهِ تَمْرٌ لَا يَجُوعُ فِيهِ أَهْلُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِ المَأْكُولَاتِ التي بِهَا قِوَامُ النَّفْسِ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَيَصْدُقُ هَذَا عَلَى كُلِّ بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ أَو يَكُونُ الغَالِبُ فِيهِ صِنْفًا وَاحِدًا؛ فَيُقَالُ عَلَى بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا البُرُّ بَيْتٌ لَا بُرَّ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.