السؤال :
مَا حُكْمُ الشَّرْعِ في قِرَاءَةِ الأَبْرَاجِ وَالسَّمَاعِ إِلَيْهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10692
 2020-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾. وَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ﴾.

ثانيًا: روى أبو داود وابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ».

ثالثًا: انْتَشَرَ في هَذَا العَصْرِ صِنَاعَةُ التَّنْجِيمِ انْتِشَارًا كَبِيرًا، وَأَصْبَحَ التَّنْجِيمُ في أَغْلَبِ صُوَرِهِ وَسِيلَةً مِنْ وَسَائِلِ ابْتِزَازِ أَمْوَالِ الآخَرِينَ.

وَتَنْجِيمُ هَؤُلَاءِ يَقُومُ غَالِبًا عَلَى التَّمْوِيهِ عَلَى النَّاسِ مِنْ خِلَالِ اسْتِدْرَاجٍ ذَكِيِّ يَصْطَادُونَ بِهِ الكَلِمَاتِ مِنْ أَفْوَاهِ السُّذَّجِ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُرَتِّبُونَ عَلَى ذَلِكَ أَخْبَارًا بِأُمُورٍ عَامَّةٍ غَالِبًا مَا يَتَعَرَّضُ لَهَا الإِنْسَانُ في حَيَاتِهِ اليَوْمِيَّةِ.

وَقَدْ أَصْبَحَ لِهَؤُلَاءِ الدَّجَّالِينَ الكَذَّابِينَ النَّصَّابِينَ صِيتٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَلِإِفْكِهِمُ الوَاضِحِ زَبَائِنُ وَمُرَوِّجُونَ حَتَّى انْتَشَرَ هَذَا التَّنْجِيمُ انْتِشَارًا وَاسِعًا، وَصَارَتْ لَهُ وَسَائِلُ مُسْتَخْدَمَةٌ، مِنْ جُمْلَتِهَا وَسَائِلُ الإِعْلَامٍ المَرْئِيَّةِ وَالمَسْمُوعَةِ وَالمَكْتُوبَةِ تَحْتَ عُنْوَانِ: الأَبْرَاجِ، أَو الحَظِّ وَالأَبْرَاجِ، أَو حَظَّكَ وَالنُّجُومَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنَّ قِرَاءَةَ الأَبْرَاجِ وَالسَّمَاعَ إِلَيْهَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا، بَلْ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مِنَ التَّنْجِيمِ المَنْهِيِّ عَنْهُ شَرْعًا، روى الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وروى الإمام مسلم عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».

فَأَصْحَابُ الأَبْرَاجِ يَدَّعُونَ مَعْرِفَةَ الغَيْبِ وَعِلْمَهُ، وَيَبْتَزُّونَ المَالَ مِنَ النَّاسِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.

فَقِرَاءَةُ وَسَمَاعُ الأَبْرَاجِ بِدُونِ تَصْدِيقٍ لَهَا، مُنْدَرِجٌ صَاحِبُهَا تَحْتَ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».

أَمَّا تَصْدِيقُهَا فَطَامَّةٌ كُبْرَى، وَيُخْشَى عَلَى صَاحِبِهَا مِنَ الانْدِرَاجِ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». هذا، والله تعالى أعلم.