السؤال :
روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا للهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا». مَا مَعْنَى هَذَ الحديثِ الشَّرِيفِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10831
 2020-12-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الأَصْلُ في قَبُولِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ عِنْدَ اللهِ تعالى في الآخِرَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَقِّقَةً شُرُوطًا ثَلَاثَةً:

أولًا: أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى أَسَاسِ الإِيمَانِ بِاللهِ تعالى، وَالإِيمَانِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثانيًا: أَنْ تَكُونَ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ مُوَافِقَةً للكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِأَنَّ الصَّالِحَ مِنَ الأَعْمَالِ مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ صَالِحًا، لَا مَا يَرَاهُ الإِنْسَانُ.

ثالثًا: أَنْ تَكُونَ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لِأَنَّ اللهَ تعالى لَا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تَمَامِ فَضْلِهِ لَا يُضَيِّعُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ لِأَيِّ عَبْدٍ كَانَ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا جَزَاهُ الله تعالى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى الحَسَنَةِ حَسَنَةً، قَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾.

وَلَكِنْ في الآخِرَةِ لَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا بِسَبَبِ كُفْرِهِ وَجُحُودِهِ ، وَأَجْرُ حَسَنَتِهِ أَخَذَهُ في الدُّنْيَا.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ للمُؤْمِنِ فَيُجَازِيهِ بِالحَسَنَةِ حَسَنَةً في الدُّنْيَا وفي الآخِرَةِ، قَالَ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.