السؤال :
أَنَا شَابٌّ مُبْتَلًى بِالنَّظَرِ إلى الأَفْلَامِ الإِبَاحِيَّةِ، دُونَ أَنْ يَرَانِي أَحَدٌ، فَمَا هِيَ نَصِيحَتُكَ لِي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10967
 2021-02-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: أَحْمَدُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ الذي شَرَحَ صَدْرَكَ لِهَذَا السُّؤَالِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الوَازِعِ الإِيمَانِيِّ في قَلْبِكَ، وَالمُرَاقَبَةِ الذَّاتِيَّةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ثانيًا: إِنَّ مُشَاهَدَةَ الأَفْلَامِ الإِبَاحِيَّةِ حَرَامٌ شَرْعًا، وَيَجِبُ عَلَى المُؤْمِنِ تَرْكُهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾. فَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ، تَجُرُّ صَاحِبَهَا إلى مَعْصِيَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا، قَدْ تَجُرُّهُ إلى مَعْصِيَةِ نَكْحِ اليَدِ، أو إلى مَعْصِيَةِ الزِّنَا وَاللِّوَاطَةِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

ثالثًا: النَّظَرُ إِلَيْهَا يُقَسِّي القَلْبَ وَيَطْمِسُ البَصِيرَةَ، وَإِذَا طُمِسَتِ البَصِيرَةُ ضَاعَ العَبْدُ وَخَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ.

رابعًا: تَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾. فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ، عِنْدَمَا تَرَى المَعْصِيَةَ بِالبَصَرِ الذي خَلَقَهُ اللهُ لَكَ لِطَاعَتِهِ، وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ بِأُذُنِكَ مَا لَا يَحِلُّ لَكَ سَمَاعُهُ، وَعِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ فُؤَادُكَ بِمَا تُشَاهِدُهُ مِنَ الأَفلَامِ الإِبَاحِيَّةِ، التي تُخْرِجُ الإِيمَانَ مِنَ القَلْبِ شَيْئًا فَشَيْئًا.

خامسًا: تَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. هَلْ يُرْضِيكَ أَنْ تَكُونَ خَاتِمَتُكَ عَلَى هَذَا الحَالِ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى؟

وَأَخِيرًا: الإِنْسَانُ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.

لِذَلِكَ أَقُولُ لَكَ: أَخِي الكَرِيمَ، إِنَّ مُشَاهَدَةَ الأَفْلَامِ الإِبَاحِيَّةِ سَبَبٌ للشَّقَاءِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

وَسَبَبٌ لِدَمَارِ البُيُوتِ؛ وَالإِدْمَانُ عَلَيْهَا لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِسُوءِ الخَاتِمَةِ.

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

كُـلُّ الحَـوَادِثِ مَـبْـدَاهَا مِنَ النَّظَرِ    ***   وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ

كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ في قَلْبِ صَـاحِبِهَا    ***   فَتْكَ السِّهَامِ بِلَا قَـوْسٍ وَلَا وَتَــرٍ

وَالمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَـيْــنٍ يُـقَـلِّـبُـهَـا    ***   في أَعْيُنِ الغِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى الخَطَرِ

يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَـرَّ مُـهْـجَـتَــــــهُ   ***   لَا مَـرْحَـبَـاً بِـسُرُورٍ جَاءَ بِالضَّرَرِ

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِغَضِّ البَصَرِ وَحِفْظِ الفَرْجِ وَاللِّسَانِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.