السؤال :
عَرَفْنَا مِنْكَ أَنَّكَ تُحِبُّ النُّصْحَ، وَأَنَّكَ تُنَبِّهُ إِذَا حَصَلَ خَلَلٌ، فَهَلْ بِالإِمْكَانِ أَنْ تُبَرِّرَ لَنَا مَا هُوَ السَّبَبُ في أَنَّكَ ترهبنا دائماً وَتُخَوِّفُنَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10023
 2019-11-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُحِبُّ النَّاصِحِينَ، وَأَنْ أَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنَ المَادِحِينَ، كَمَا أَرْجُوهُ تعالى أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَنْ يُنَبَّهَ عَلَى تَقْصِيرِهِ وَخَلَلِهِ وَأَخْطَائِهِ، وَأَنْ أُوَطِّنَ نَفْسِي للرُّجُوعِ إلى الحَقِّ إِنْ ظَهَرَ.

ثانياً: أَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا أَكُونَ مِمَّنْ يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، وَأَنْ لَا أَكُونَ مِمَّنْ يَخْدَعُ النَّاسَ وَيُؤَمِّنُهُمْ مِنْ مَكْرِ اللهِ تعالى وَهُمْ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، أَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَكُونَ مُعْتَدِلَاً مَعَ نَفْسِي وَمَعَ غَيْرِي، كَمَا أَرْجُوهُ تعالى أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُرَغِّبُ القَانِطَ وَاليَائِسَ، وَأَنْ أَكُونَ مِمَّنْ يُنْذِرُ المُصِرَّ وَالمُعَانِدَ وَالمُكَابِرَ.

ثالثاً: جَاءَ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ: وَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُخَادِشٍ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَقْوَامٍ يُخَوِّفُونَنَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ؟

فَقَالَ الْحَسَنُ: وَاللهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامَاً يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْأَمْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامَاً يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى يَلْحَقَكَ الْخَوْفُ.

وروى الإمام البخاري فَقَالَ: وَكَانَ العَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطِ النَّاسَ؟

قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾. وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُـبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُـبَشِّرَاً بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرَاً بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنِّي أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَرَغَّبَ بِاللهِ، وَرَهَّبَ مِنَ اللهِ تعالى، وَكَانَ مُبَشِّرَاً وَمُنْذِرَاً، وَأَرْجُوهُ أَنْ لَا أَكُونَ مِمَّنْ يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، وَأَنْ لَا أَكُونَ مِمَّنْ يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ مَكْرِ اللهِ تعالى وَهُمْ مُصِرُّونَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.