السؤال :
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى حِينَ قَالَ لِسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10102
 2019-12-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. يَدْفَعُنَا لِمَعْرِفَةِ الذينَ اتَّبَعُوهُ، مِنَ الذينَ كَفَرُوا بِهِ.

الذينَ اتَّبَعُوا سَيِّدَنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُمُ الذينَ آمَنُوا بِالتَّوْحِيدِ، وَآمَنُوا بِأَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَمَا قَالَ عَنْ نَفْسِهِ: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيَّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكَاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّاً * وَبَرَّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارَاً شَقِيَّاً * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيَّاً * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾.

الذينَ اتَّبَعُوا سَيِّدَنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُمُ الذينَ صَدَّقُوا قَوْلَهُ: ﴿وَمُبَشِّرَاً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾.

فَهَؤُلَاءِ هُمُ الذينَ اتَّبَعُوهُ، وَمَا عَدَاهُمْ كَفَرُوا بِهِ.

فَمَنْ آمَنَ بِسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنَّهُ بَشَرٌ كَسَائِرِ البَشَرِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِعِبَادَةِ اللهِ تعالى وَحْدَهُ، كَمَا قَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْهُ: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدَاً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: اللهُ هُوَ المَسِيحُ، أَو قَالَ: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَهُمُ الذينَ كَفَرُوا، بِشَهَادَةِ اللهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ آمَنَ بِسَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ بَشَرٌ، وَأَنَّهُ عَبْدُ اللهِ، وَآمَنَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمُبَشِّرَاً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾. هُوَ مَنْ رَفَعَهُ اللهُ تعالى، وَجَعَلَهُ فَوْقَ الذينَ كَفَرُوا.

فَالذينَ جَعَلَهُمُ اللهُ فَوْقَ الذينَ كَفَرُوا هُمُ الذينَ آمَنُوا بِنُبُوَّةِ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ تَابَعُوا إِيمَانَهُمْ بِبِعْثَةِ وَنُبُوَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَانْخَرَطُوا مَعَ المُسْلِمِينَ.

وَنَحْنُ آمَنَّا بِذَلِكَ وَالحَمْدُ للهِ. هذا، والله تعالى أعلم.