السؤال :
هَلْ يَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ (مَا) بِالمَزَادِ العَلَنِيِّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10206
 2020-03-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَاعَ حِلْسًا وَقَدَحًا، وَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الحِلْسَ وَالقَدَحَ؟».

فَقَالَ رَجُلٌ: أَخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ، مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟».

فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ: فَبَاعَهُمَا مِنْهُ.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى إِبَاحَةِ بَيْعِ المُزَايَدَةِ، وَيَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعُ المُسْلِمِينَ يَبِيعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالمُزَايَدَةِ.

ثانيًا: النَّجْشُ ـ بِسُكُونِ الجِيمِ ـ في بَيْعِ المُزَايَدَةِ حَرَامٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَالنَّجْشُ هُوَ أَنْ يَزِيدَ في سِعْرِ السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَلَيْسَ قَصْدُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، بَل لِيَغُرَّ غَيْرَهُ، فَيُوقِعَهُ فِيهِ، روى الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ النَّجْشِ.

ثالثًا: يَحْرُمُ تَوَاطُؤُ المُتَزَايِدَيْنِ عَلَى تَرْكِ المُزَايَدَةِ، لِمَا في ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى البَائِعِ وَبَخْسِ سِلْعَتِهِ، قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾. فَإِنْ وَقَعَ التَّوَاطُؤُ بَيْنَ المُتَزَايِدِينَ جَمِيعًا، خُيِّرَ البَائِعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالإِمْضَاءِ، فَإِنْ هَلَكَتِ السِّلْعَةُ فَلَهُ الأَكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ وَالقِيمَةِ.

فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ ـ الذي هُوَ مَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ العَاقِدَانِ ـ أَكْثَرَ مِنَ القِيمَةِ، وَالقِيمَةُ هِيَ مَا يُسَاوِيهِ الشَّيْءُ في تَقْوِيمِ المُقَوِّمِينَ أَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَتِ القِيمَةُ أَكْثَرَ أَخَذَ القِيمَةَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالبَيْعُ في المَزَادِ العَلَنِيِّ جَائِزٌ شَرْعًا بِالشُّرُوطِ التي ذَكَرَهَا الفُقَهَاءُ، هَذَا إِذَا كَانَ البَائِعُ هُوَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ، أَو كَانَ يَبِيعُهَا وَلِيُّ الأَمْرِ عَلَى صَاحِبِهَا لِحَقٍّ مَشْرُوعٍ.

أَمَّا إِذَا كَانَ بَيْعُ السِّلْعَةِ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا وَبِغَيْرِ حَقٍّ، فَهَذَا البَيْعُ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ، وَالظُّلْمُ حَرَامٌ في جَمِيعِ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ، وَلَا يَجُوزُ إِعَانَةُ الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.