السؤال :
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11587
 2021-11-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى في سُورَةِ المُؤْمِنُونَ: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.

المُرَادُ بِالعَذَابِ هُنَا العَذَابُ الدُّنْيَوِيُّ كَالجُوعِ وَالقَحْطِ وَالمَصَائِبِ.

وَالاسْتِكَانَةُ هِيَ الانْتِقَالُ مِنْ حَالٍ إلى حَالٍ، وَاسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ في الانْتِقَالِ مِنْ حَالِ التَّكَبُّرِ وَالغُرُورِ، إلى حَالِ التَّذَلُّلِ وَالخُضُوعِ.

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ المَعْنَى: لَقَدْ أَخَذْنَا هَؤُلَاءِ الطُّغَاةَ المُجْرِمِينَ بِالعَذَابِ الشَّدِيدِ، كَالفَقْرِ وَالمَصَائِبِ وَالأَمْرَاضِ، فَمَا خَضَعُوا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا انْقَادُوا لَهُ وَمَا أَطَاعُوهُ، وَمَا تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ تَبَارَكَ وتعالى بِالدُّعَاءِ الخَالِصِ لِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، لِكَيْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ تَبَارَكَ وتعالى مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ.

فَهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى جُحُودِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، قَالَ تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾. أَيْ: حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ مِنْ أَبْوَابِ عَذَابِ الآخِرَةِ المُعَدِّ لَهُمْ، إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، أَيْ: سَاكِتُونَ مِنْ شِدَّةِ الحَيْرَةِ، وَآيِسُونَ مِنْ كُلِّ نَجَاةٍ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.