السؤال :
مَا صِحَّةُ حَدِيثِ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» وَهَلْ تِلْكَ الهَدِيَّةُ حَرَامٌ شَرْعًا إِذَا قُدِّمَتْ للشَّفِيعِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11611
 2021-12-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ أبو داود في سُنَنِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

الشَّفَاعَةُ الحَسَنَةُ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، وَفَضْلُهَا مَعْلُومٌ عِنْدَ الجَمِيعِ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ».

فَمَنْ مَشَى في قَضَاءِ حَاجَةِ أَخِيهِ فَلَهُ أَجْرٌ، روى الإمام مسلم عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وَالشَّفَاعَةُ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ تَكُونَ شَفَاعَةً في حَقٍّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ شَفَاعَةً في بَاطِلٍ، وَالشَّفَاعَةُ في حَقٍّ حَقٌّ، وَفي بَاطِلٍ بَاطِلٌ؛ وَالشَّفِيعُ في حَقٍّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَغِيَ الأَجْرَ مِنَ اللهِ تعالى.

وَمَا دَامَتِ الشَّفَاعَةُ في حَقٍّ، فَلِمَاذَا تَأْخُذُ أَجْرًا مُقَابِلَ إيصَالِ الحَقِّ الذي لَهُ؟ فَعَلَيْكَ يَا أَيُّهَا الشَّفِيعُ أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْهُ حَتَّى لَا يَضِيعَ أَجْرُكَ عِنْدَ اللهِ تعالى.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ حَسَنٌ كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الحَدِيثِ، وَفِيهِ تَنْفِيرٌ وَتَقْبِيحٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ عَلَى الشَّفَاعَةِ إِذَا كَانَتْ بِحَقٍّ، لِأَنَّهُ حَقٌّ للمَشْفُوعِ لَهُ، وَأَخْذُ الهَدِيَّةِ عَلَيْهَا يُضَيِّعُ أَجْرَهَا، كَمَا أَنَّ الرِّبَا يُضَيِّعُ الحَلَالَ. هذا، والله تعالى أعلم.