السؤال :
أَخَوَانِ يَعِيشَانِ في بَيْتٍ وَاحِدٍ، أَحَدُهُمَا مَيْسُورُ الحَالِ، وَالآخَرُ ضَعِيفُ الحَالِ، وَمَيْسُورُ الحَالِ أَحْيَانًا يُغِيطُ أَخَاهُ بِإِظْهَارِ الطَّعَامِ أَمَامَهُ، وَلَا يُطْعِمُهُ مِنْهُ، فَمَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِيهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11804
 2022-02-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَى هَذَيْنِ الأخَوَيْنِ، أَو الأُخْتَيْنِ، أَنْ يَكُونَا كَالجَسَدِ الوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى.

وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عَوْنًا للآخَرِ عَلَى شُؤُونِ هَذِهِ الحَيَاةِ، فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَسَّعَ عَلَى عَبْدٍ لِيَكُونَ شَاكِرًا، وَمِنَ الشُّكْرِ أَنْ يَعُودَ مَيْسُورُ الحَالِ عَلَى المُعْسِرِ. هَذَا أَوَّلًا.

ثانيًا: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ فَضْلَ وَأَجْرَ إِطْعَامِ الطَّعَامِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ».

وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟

قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».

وَمِنْ كَمَالِ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ المَرْءُ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعَلَى هَذَيْنِ الأَخَوَيْنِ أَو الأُخْتَيْنِ أَنْ يَتَمَاسَكَا، وَيَتَرَاحَمَا، وَمَنْ يَرْحَمْ يُرْحَمْ، وَمَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ؛ وَإِغَاظَةُ النَّاسِ حَرَامٌ شَرْعًا، فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ بَيْنَ الأَرْحَامِ؟

وَيَنْبَغِي عَلَى مَيْسُورِ الحَالِ أَنْ يَتَقَرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَخَاصَّةً لِرَحِمِهِ، لَعَلَّهُ يَدْخُلُ جَنَّةَ اللهِ تعالى بِسَلَامٍ.

وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ لَا يَنْزِعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوبِنَا، وَلْيَعْلَمْ مَيْسُورُ الحَالِ الحَدِيثَ الشَّرِيفَ الذي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ». هذا، والله تعالى أعلم.