السؤال :
سَمِعْتُ فَتْوَى أَنَّ المُسْلِمَ الجُنُبَ إِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ وَتَمَضْمَضَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ القُرْآنَ العَظِيمَ، وَيَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، فَهَلْ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11026
 2021-03-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ عَرَّفَ الفُقَهَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمُ الطَّهَارَةَ في الشَّرْعِ بِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ غَسْلِ أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ، بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ.

وَالأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ تَجَزُّئِهَا، لِأَنَّ الطَّهُورَ المَأْمُورَ بِهِ شَرْعًا قَائِمٌ بِالأَعْضَاءِ كُلِّهَا.

فَمَنْ غَسَلَ بَعْضَ الأَعْضَاءِ دُونَ الأخرى الوَاجِبِ غَسْلُها لَا يُعْتَبَرُ طَاهِرًا؛ هذا أولًا.

ثانيًا: جَاء في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: لَوْ تَمَضْمَضَ الجُنُبُ أَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْقِرَاءَةُ وَمَسُّ المُصْحَفِ؟ فَعَلَى رِوَايَةِ التَّجَزُّؤِ نَعَمْ، وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِهِ لَا وَهِيَ الصَّحِيحَةُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الجَنَابَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى غَسْلِ البَاقِي.

وَكَذَلِكَ في كِتَابِ البَحْرِ الرَّائِقِ: أَنَّهُ لَوْ تَمَضْمَضَ الجُنُبُ أَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ وَمَسُّ المُصْحَفِ؟ فَعَلَى رِوَايَةِ التَّجَزِّي يَحِلُّ لَهُ لِزَوَالِ الجَنَابَةِ عَنْهُ، وَعَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّجَزِّي لَا يَحِلُّ لَهُ لِعَدَمِ الزَّوَالِ الْآنَ، وَقَدْ صَحَّحَ الْمَشَايِخُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا يَجُوزُ للإِنْسَانِ الجُنُبِ أَنْ يَحْمِلَ القُرْآنَ، وَلَا أَنْ يَمَسَّهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ طَاهِرًا مِنَ الحَدَثَيْنِ الأَصْغَرِ وَالأَكْبَرِ.

وَلَا يَجُوزُ للجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ الكَرِيمَ فَضْلًا عَنْ مَسِّهِ إِلَّا إِذَا اغْتَسَلَ غُسْلَ الجَنَابَةِ.

وَمَا ذُكِرَ في السُّؤَالِ هُوَ قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالِ الفُقَهَاءِ الذينَ قَالُوا بِتَجَزُّؤِ الطَّهَارَةِ، وَلَكِنَّ الذي صَحَّحَهُ الفُقَهَاءُ هُوَ أَنَّ زَوَالَ الجَنَابَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى غَسْلِ جَمِيعِ البَدَنِ. هذا، والله تعالى أعلم.