السؤال :
مَا صِحَّةُ هَذَا الحَدِيثِ، وَمَا مَعْنَاهُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِابْنَةٍ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ ابْنَتِي قَدْ أَبَتْ أَنْ تَزَوَّجَ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَطِيعِي أَبَاكِ». فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَتَزَوَّجُ حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟ قَالَ: «حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ: أَنْ لَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ فَلَحَسَتْهَا مَا أَدَّتْ حَقَّهُ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11029
 2021-03-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإمام الحاكم في المُسْتَدْرَكِ، وَالبَزَّارُ، وَالنَّسَائِيُّ في السُّنَنِ الكُبْرَى، وَابْنُ حِبَّانَ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ؛ وَمَعْنَاهُ: بَيَانُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَتَأْكِيدُ طَاعَتِهِ في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَحَقُّهُ عَظِيمٌ، عَرَفَ هَذَا مِنَ النِّسَاءِ مَنْ عَرَفَ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ.

حَيْثُ أَعْطَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ صُورَةً في غَايَةِ البَيَانِ وَالبَلَاغَةِ.

فَالمُرَادُ هُوَ الحَثُّ علَى طَاعَةِ الزَّوْجِ، وَعَدَمِ كُفْرَانِ نِعْمَتِهِ.

وَهَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلَيْسَ المَقْصُودُ لَحْسَ القَرْحَةِ، لِأَنَّ القَرْحَةَ نَجِسَةٌ، وَمَعَاذَ اللهِ تعالى أَنْ يَأْمُرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِلَعْقِ مَا كَانَ نَجِسًا، كَمَا أَنَّهُ حَاشَاهُ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ.

وَنَصِيحَتِي لِطُلَّابِ العِلْمِ عِنْدَمَا يُحَدِّثُونَ بِهَذَا الحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَرْحُهُ الشَّرْحَ الوَافِيَ حَتَّى يَسْتَوْعِبَهُ النَّاسُ اسْتِيعَابًا صَحِيحًا، يَقُولُ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ. رواه الإمام البخاري.

فَهَذَا الحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ هُوَ بَيَانٌ لِعَظِيمِ حَقِّ الرَّجُلِ المُؤْمِنِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَوُجُوبِ طَاعَتِهَا لَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.