السؤال :
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12642
 2023-07-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ حَرَّضَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الاسْتِغْفَارِ، وَبَيَّنَ لَنَا أَنَّ الاسْتِغْفَارَ سَبَبٌ لِجَلْبِ الرِّزْقِ، وَإِنْجَابِ الوَلَدِ، قَالَ تعالى حِكَايَةً عَلَى لِسَانِ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ يُخَاطِبُ قَوْمَهُ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا﴾.

وَقَدْ شَكَا رَجُلٌ إلى سَيِّدِنَا الحَسَنِ البَصْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الجُدُوبَةَ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَغْفِرِ اللهَ.

وَشَكَا آخَرُ إِلَيْهِ الفَقْرَ فَقَالَ لَهُ: اسْتَغْفِرِ اللهَ.

وَقَالَ لَهُ آخَرُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَدًا، فَقَالَ لَهُ: اسْتَغْفِرِ اللهَ.

وَشَكَا إِلَيْهِ آخَرُ جَفَافَ بُسْتَانِهِ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَغْفِرِ اللهَ.

فَقُلْنَا لَهُ في ذَلِكَ؟

فَقَالَ: مَا قُلْتُ مِنْ عِنْدِي شَيْئًا، إِنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ في سُورَةِ نُوحٍ: ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾.

وَمِنْ أَجْمَعِ صِيَغِ الاسْتِغْفَارِ، مَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ حَقًّا وَصِدْقًا، وَحَقَّقَ شُرُوطَ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ وَالاسْتِغْفَارِ، حَقَّقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا وَعَدَهُ بِهِ، وَاللهُ تَبَارَكَ وتعالى لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ.

وَإِنِّي أَرْجُو اللهَ تعالى لِكُلِّ مَنْ حُرِمَ نِعْمَةَ الوَلَدِ أَنْ يُكْرِمَهُ سُبْحَانَهُ وتعالى بِالذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ المُصْلِحَةِ، وَأَنْ يُكْرِمَنَا جَمِيعًا بِنِعْمَةِ الاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.