السؤال :
أَنَا شَابٌّ في العِشْرِينَاتِ مِنْ عُمُرِي، أَعْمَلُ في مُؤَسَّسَةٍ، تَعَرَّفْتُ عَلَى فَتَاةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، حَتَّى أَصْبَحْنَا لَا نَسْتَطِيعُ فِرَاقَ بَعْضِنَا، وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ عَامٌ كَامِلٌ، وَأَكَادُ أَنْ أَفْقِدَ عَقْلِي مِنْ هَذِهِ الجَرِيمَةِ التي وَقَعْتُ فِيهَا، فَمَاذَا أَصْنَعُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12643
 2023-07-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَاعْلَمْ عِلْمَ اليَقِينِ أَنَّ عَلَاقَتَكَ مَعَ هَذِهِ المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ ـ وَخَاصَّةً أَنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ ـ مِنْ أَخْطَرِ الذُّنُوبِ، وَمِنْ أَعْظَمِ الخِيَانَاتِ للهِ تعالى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَللمُؤْمِنِينَ.

وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَشْرَحَ صَدْرَكَ للتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ، وَالخَلَاصِ مِمَّا ابْتُلِيتَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُفْضَحَ أَمْرُكُمَا. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: أَدْعُو نَفْسِي وَأَدْعُوكَ إلى صِدْقِ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

ثَالِثًا: اسْتَعْنِ بِاللهِ تعالى، وَاسْتَعِذْ بِهِ مِمَّا أَصَابَكَ، فَمُصِيبَتُكَ هَذِهِ في دِينِكَ، وَأَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ الذي عَلَّمَنَا إِيَّاهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَكْثِرْ مِنْ هَذَا الدُّعَاءِ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي دُعَاءً أَنْتَفِعُ بِهِ.

قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَبَصَرِي، وَقَلْبِي، وَمَنِيِّي».

وَكُلَّمَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ قُلْ هَذَا الدُّعَاءَ الذي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟».

رَابِعًا: ابْتَعِدْ عَنْ هَذِهِ المَرْأَةِ نِهَائِيًّا، وَالْتَزِمْ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾.

وَتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾.

وَلَا تَخْلُوَنَّ بِهَا، وَلَا تَدْخُلْ مَكَانًا هِيَ فِيهِ، وَامْتَثِلْ أَمْرَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟

قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَتَذَكَّرْ أَنَّ بِخَلْوَتِكَ بِهَا يَلْعَبُ الشَّيْطَانُ بِكَ وَبِهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَخِيرًا أَقُولُ لَكَ: ابْحَثْ عَنْ عَمَلٍ آخَرَ غَيْرِ هَذَا العَمَلِ، وَتَذَكَرْ سَيِّدَنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا فَضَّلَ السِّجْنَ عَلَى القَصْرِ، فَقَالَ: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.

وَاسْتَحْضِرْ خُطُورَةَ مَا أَنْتَ وَاقِعٌ فِيهِ، فَأَنْتَ تُفْسِدُ هَذِهِ المَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا، وَهَذَا الفِعْلُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، بِجَانِبِ الكَبِيرَةِ التي ارْتَكَبْتَهَا مِنْ حَيْثُ العَلَاقَةُ بِهَذِهِ المَرْأَةِ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُغْنِيَنَا بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ، وَبِطَاعَتِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَبِفَضْلِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.