السؤال :
يقول الله عز وجل في سورة البقرة: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا}، ويقول كذلك في نفس السورة: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا}. السؤال: لماذا قال في آية فلا تعتدوها، وفي آية أخرى فلا تقربوها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1323
 2008-08-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى في تفسيره عند قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}: حدودُ الله هي ما شرعه الله تعالى لعباده حداً مانعاً بين الحلال والحرام، وحدودُ الله تعالى إما أن تَرِدَ بعد المناهي، وإما أن ترد بعد الأوامر، فإن وردت بعد الأوامر فإنه يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا}، أي آخر غايتكم هنا، ولا تتعدوا الحدَّ.

ولكن إن جاءت بعد النواهي فإنه يقول: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا}، لأن الحق يريد أن يمنع النفس من تأثير المحرَّمات على النفس فتلحُّ عليها أن تفعل، فإن كنت بعيداً عنها فالأفضل أن تظل بعيداً.

وانظر جيّداً فيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

ومما يؤكِّد كلام الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى كثير من الآيات الكريمة التي جاءت في سياق النهي جاءت بصياغة لا تقربوا، مثل قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}، وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِين}. هذا، والله تعالى أعلم.