السؤال :
مَاتَتْ جَدَّتِي بَعْدَ صِرَاعٍ مَعَ المَرَضِ دَامَ 23 يَوْمًا مِن شَهْرِ رَمَضَانَ، فَهَلْ يَجِبُ الصِّيَامُ عَنْهَا الشَّهْرَ كَامِلًا أَمِ الإِطْعَامُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1457
 2008-10-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُعْظِمَ أَجْرَكُمْ في مُصَابِكُمْ، وَأَنْ يَكُونَ مَرَضُ جَدَّتِكُمْ كَفَّارَةً لَهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَرَفْعًا في دَرَجَاتِهَا.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ للأَيَّامِ التي أَفْطَرَتْهَا في مَرَضِهَا في شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ لَا يُصَامُ عَنْهَا وَلَا يُطْعَمُ عَنْهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَبِكَوْنِهَا مَاتَتْ قَبْلَ تَمَكُّنِهَا مِنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

وَقَالَ طَاوُوسُ وَقَتَادَةُ: يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ سَقَطَ بِالعَجْزِ عَنْهُ، فَوَجَبَ الإِطْعَامُ عَنْهُ، كَالشَّيْخِ الهَرِمِ إِذَا تَرَكَ الصِّيَامَ لِعَجْزِهِ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَنْهَا وَلَا الإِطْعَامُ، وَلَكِنَّ الأَحْوَطَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَتْهُ مِنْ رَمَضَانَ، لَا عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ، للحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِين» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه.

وَلِقَوْلِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يُطْعَمُ عَنْهُ في قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا يُصَامُ عَنْهُ.

وَإِذَا كَانَ الإِطْعَامُ عَنْهَا سَيَكُونُ مِنْ مَالِهَا وَلَهَا وَرَثَةٌ بَالِغُونَ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِرِضَاهُمْ، وَأَمَّا إِذَا كَانُوا قُصَّرًا فَلَا يَجُوزُ الإِطْعَامُ مِنْ مَالِهَا إِلَّا إِذَا أَوْصَتْ، فَعِنْدَهَا يُطْعَمُ عَنْهَا بِدُونِ إِذْنٍ مِنَ الوَرَثَةِ وَلَو وُجِدَ فِيهِمْ قُصَّرٌ كَذَلِكَ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ ثُلُثَ التَّرِكَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.