طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَهُنَاكَ حَالَانِ للأُضْحِيَةِ عَنِ المَيْتِ:
الحَالُ الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ المَيْتُ قَدْ أَوْصَى أَنْ يُضَحَّى عَنْهُ، فَفِي هَذَا الحَالِ تَجِبُ الأُضْحِيَةُ بِالاتِّفَاقِ عِنْدَ الفُقَهَاءِ، فُيُضَحَّى عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ الأَكْلُ مِنْ هَذِهِ الأُضْحِيَةِ لِغَنِيٍّ، أَو لِأُصُولِ المَيْتِ ِوَفُرُوعِهِ وَزَوْجَتِهِ، بَلْ تُوَزَّعُ بِكَامِلِهَا عَلَى الفُقَرَاءِ بِمَا فِيهِ جِلْدُ الأُضْحِيَةِ.
الحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ المَيْتُ لَمْ يُوصِ بِهَا، وَأَرَادَ الوَارِثُ أَو غَيْرُهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، جَازَ هَذَا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ، لِأَنَّ المَوْتَ لَا يَمْنَعُ التَّقَرُّبَ إلى اللهِ تعالى عَنِ المَيْتِ كَمَا في الصَّدَقَةِ وَالحَجِّ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ، وَالآخَرُ عَمَّنْ لمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِهِ. أخرجه البيهقي.
أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَصِحُّ الأُضْحِيَةُ عَنِ المَيْتِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ مِنهُ، وَلَكِنْ إِذَا ضَحَّى الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ سَأَلَ اللهَ تعالى أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَهَا في صَحِيفَةِ مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَمْوَاتِهِ نَرْجُو اللهَ تعالى القَبُولَ لَهُ.
مُلَاحَظَةٌ: إِذَا لَمْ يُوصِ المَيْتُ بِأُضْحِيَةٍ، وَأَرَادَ الوَرَثَةُ التَّضْحِيَةَ عَنْ مُوَرِّثِهِمْ مِنَ التَّرِكَةِ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِرِضَا الوَرَثَةِ جَمِيعَاً، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ قَاصِرٌ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ القَاصِرِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |