السؤال :
هل صحيح أنه ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما رفع يديه أثناء الدعاء؟ وأن مسح الوجه بعد الدعاء بدعة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 248
 2007-05-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا الكَلَامُ نَقِيضُهُ هُوَ الصَّحِيحُ، فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأَحَادِيثُ الشَّرِيفَةُ بِسُنِّيَّةِ رَفْعِ اليَدَيْنِ في الدُّعَاءِ مَعَ مَسْحِ الوَجْهِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الدُّعَاءِ.

روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌوَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِوَ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾.

ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

وَأَخْرَجَ الإمام الترمذي وَالحَدِيثُ لَهُ شَوَاهِدُ عِدَّةٌ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهِهِ.

وَأَخْرَجَ الأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ عَنْ سَيِّدِنَا سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرَاً»

وَروَى الإمام أَحمد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَأَلَ جَعَلَ بَاطِنَ كَفَّيْهِ إِلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَعَاذَ جَعَلَ ظَاهِرَهُمَا إِلَيْهِ.

وبناء عليه:

فَإِنَّهُ يُسَنُّ رَفْعُ اليَدَيْنِ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ، وَالسُّؤَالُ بِبَاطِنِهِمَا، وَالاسْتِعَاذَةُ بِظَاهِرِهِمَا، وَمَسْحُ الوَجْهِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الدُّعَاءِ.

أَمَّا مَا وَرَدَ في صَحِيحِ البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاءِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.

فَيُجْمَعُ بَيْنَ الأَحَادِيثِ بِأَنَّ الرَّفْعَ في الدُّعَاءِ وَارِدٌ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ، وَيَكُونُ الرَّفْعُ البَلِيغُ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ الإِبِطِ في المُلِمَّاتِ وَالشَّدَائِدِ. هذا، والله تعالى أعلم.