طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالإِجَارَةُ مِنَ العُقُودِ اللَّازِمَةِ التي تُلْزِمُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَيَجِبُ عَلَى العَامِلِ الالْتِزَامُ بِالعَمَلِ، وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ العَمَلِ الالْتِزَامُ بِالعِوَضِ، وَطَالَمَا أَنَّ الأُجْرَةَ تَمَّ الاتِّفَاقُ عَلَيْهَا فَوَجَبَتْ، وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ العَمَلِ الوَفَاءُ فَإِذَا لَمْ يَفِ كَانَ الأَجِيرُ في حِلٍّ مِنْ هَذَا العَقْدِ، وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهُ وَرَضِيَ بِالأَقَلِّ مِنَ الأَجْرِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ صَاحِبِ العَمَلِ، لِأَنَّ أَخْذَهُ بَعْدَ رِضَاهُ خِيَانَةٌ وَسَرِقَةٌ وَيَتَحَمَّلُ وِزْرَهَا، هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ العَمَلُ قَدْ تَمَّ.
أَمَّا بَعْدَ تَمَامِ العَمَلِ، وَأَنْقَصَ رَبُّ العَمَلِ مِنْ أُجْرَةِ الأَجِيرِ، كَانَ صَاحِبُ العَمَلِ آثِمَاً، وَيَسْتَحِقُّ الأَجِيرُ أُجْرَتَهُ كَامِلَةً، وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ عَنْ طَرِيقِ مُشَارَعَتِهِ عِنْدَ العُلَمَاءِ، أَو القَاضِي، فَإِذَا لَمْ يُوَفِّ حَقَّهُ بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِ العَمَلِ بِدُونِ عِلْمِهِ إِنْ أَمِنَ الفِتْنَةَ أَو الضَّرَرَ لَهُ أَو لِغَيْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تعالى، هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |