طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ الذي أَتَاهُ مَالٌ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، أَو مِنْ مَسْأَلَةٍ، أَنْ يَبْحَثَ عَنْ مَصْدَرِ هَذا المَالِ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ؟ لِأَنَّ الأَصْلَ في المَالِ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَلِأَنَّ الأَصْلَ في الإِنْسَانِ الطَّاعَةُ، فَالمَعْصِيَةُ طَارِئَةٌ، وَكَذَلِكَ المَالُ الحَرَامُ.
وَعَلى الإِنْسَانِ أَنْ يُحْسِنَ الظَّنَّ، فَيَتَعَامَلَ مَعَ الآخَرِينَ عَلَى هَذَا الأَسَاسِ، أَنَّهُمْ أَهْلُ طَاعَةٍ، وَمَالَهُمْ مِنْ حَلَالٍ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ نَقِيضُ ذَلِكَ.
وبناءً على ذلك:
إِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ المَالَ الذي أُعْطِيَهُ هُوَ نَفْسُ المَالِ الرِّبَوِيِّ الذي أَخَذَهُ المُرَابِي مِنَ المَصْرِفِ أَو غَيْرِهِ، وَعَلِمَ ذَلِكَ عِلْمَاً قَطْعِيَّاً لَا شَكَّ فِيهِ، وَذَلِكَ بِإِخْبَارٍ صَادِقٍ أَو مُشَاهَدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ هَذَا المَالُ، لِأَنَّهُ عَلِمَ عِلْمَاً قَطْعِيَّاً أَنَّهُ مِنْ حَرَامٍ.
وَالوَاجِبُ عَلَى المُرَابِي الذي تَوَرَّطَ في مَسْأَلَةِ الرِّبَا أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَخْذِ الرِّبَا، وَأَنْ يَدْفَعَ هَذَا المَالَ لِرَجُلٍ فَقِيرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ أَنَّ هَذَا المَالَ مَالٌ رِبَوِيٌّ، بَلْ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ بِنِيَّةِ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ هَذَا المَالِ الحَرَامِ، لَا بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّ اللهَ تعالى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبَاً، وَعَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ عَلَى مَا فَعَلَ، وَالعَزْمِ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلى مِثْلِ هَذِهِ الكَبِيرَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |