طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَرَعَ للرَّجُلِ أَنْ يَهْجُرَ زَوْجَتَهُ بِقَصْدِ التَّأْدِيبِ، وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ﴾.
فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ في المَضْجَعِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ» رواه الشيخان.
فَإِنْ لَمْ تَعُدْ إلى صَوَابِهَا وَرُشْدِهَا خِلَالَ هَذِهِ الأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلِمَ أَنَّ هُنَاكَ أَمَلٌ في صَلَاحِهَا إِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ جَازَ لَهُ هَجْرُهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ هَجَرَ نِسَاءَهُ شَهْرَاً كَامِلَاً.
أَمَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّ زِيَادَةَ الهَجْرِ لَا تَزِيدُهَا إِلَّا عِنَادَاً فَلَا يَجُوزُ هَجْرُهَا، إِلَّا إِذَا رَضِيَتْ أَنْ تَعِيشَ مَعَ زَوْجِهَا في بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ كَزَوْجَةٍ في الظَّاهِرِ مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَةِ الأَوْلَادِ فَلَا حَرَجَ في ذَلِكَ.
وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهَذِهِ الحَالِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ هَذَا الهَجْرُ، لِأَنَّهُ يُبْقِيهَا مُعَلَّقَةً لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مُطَلَّقَةً، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ﴾.
فَعَلَيْهِ في هَذِهِ الحَالِ إِمَّا أَنْ يُمْسِكَ بِمَعْرُوفٍ، أَو يُسَرِّحَ بِإِحْسَانٍ، فَإِنْ كَانَ ضَعِيفَاً أَمَامَ نَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ عَلَى نَفْسِهِ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَسَيَقَعُ في الظُّلْمِ فَالتَّسْرِيحُ أَوْلَى. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |