طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَجُّ عَنِ الغَيْرِ مَشْرُوعٌ، وَبِهِ تَبْرَأُ ذِمَّةُ المُتَوَفَّى، وَذَلِكَ للحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟
قَالَ: «نَعَمْ» وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَمِنْ شُرُوطِ حَجِّ الفَرْضِ عَنِ الغَيْرِ، أُنْ يُحْرِمَ الوَكِيلُ بِالحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ الشَّخْصِ الذي يَحُجُّ عَنْهُ، وَيَذْكُرَ اسْمَهُ حَسْبَمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ، فَلَوْ أَمَرَهُ بِالإِفْرَادِ فَتَمَتَّعَ عَنِ الآمِرِ لَمْ يَقَعْ حَجُّهُ عَنْهُ وَيَضْمَنُ الوَكِيلُ، أَمَّا إِذَا أَمَرَهُ بِالإِفْرَادِ فَقَرَنَ عَنِ الآمِرِ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَقَعُ وَالوَكِيلُ ضَامِنٌ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَا دَامَ المُتَوَفَّى أَوْصَى بِالحَجِّ عَنْهُ بِالإِفْرَادِ، فَتَمَتُّعُ الوَكِيلِ مَا أَجْزَأَ الحَجَّ عَنِ المُتَوَفَّى، لِأَنَّ الوَكِيلَ مَا نَوَى بِالحَجِّ مِنْ مِيقَاتِ المُتَوَفَّى، وَالوَكِيلُ ضَامِنٌ للنَّفَقَاتِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |