السؤال :
امرأة أحرمت بالعمرة في أشهر الحج، وحاضت قبل الطواف والسعي، ولم تتمكن من أداء العمرة قبل الوقوف في عرفة، فماذا تفعل؟ هل ترفض العمرة، أم تقلب النية إلى قِران؟ وإذا قلبت النية إلى قِران فكيف يكون طوافها وسعيها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3698
 2011-01-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: (وَقَدْ اِتَّفَقَ جُمْهُور الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز إِدْخَال الْحَجّ عَلَى الْعُمْرَة، وَشَذَّ بَعْض النَّاس فَمَنَعَهُ وَقَالَ: لا يَدْخُل إِحْرَام عَلَى إِحْرَام، كَمَا لا تَدْخُل صَلاة عَلَى صَلاة، وَاخْتَلَفُوا فِي إِدْخَال الْعُمْرَة عَلَى الْحَجّ، فَيُجَوِّزهُ أَصْحَاب الرَّأْي، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ، لِهَذِهِ الأَحَادِيث، ومنها حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا. قَالَتْ: فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فَقَالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا) رواه مسلم.

وَمَنَعَهُ آخَرُونَ وَجَعَلُوا هَذَا خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ لِضَرُورَةِ الاعْتِمَار حِينَئِذٍ فِي أَشْهُر الْحَجّ، قالَ: وَكَذَلِكَ يُتَأَوَّل قَوْل مَنْ قَالَ: كَانَ مُتَمَتِّعًا، أَيْ تَمَتَّعَ بِفِعْلِ الْعُمْرَة فِي أَشْهُر الْحَجّ وَفَعَلَهَا مَعَ الْحَجّ؛ لأَنَّ لَفْظ التَّمَتُّع يُطْلَق عَلَى مَعَانٍ، فَانْتَظَمَتْ الأَحَادِيث وَاتَّفَقَتْ.

وبناء على ذلك:

فيمكن لهذه المرأة أن تُدخل الحج مع العمرة وتصبح قارنة، وتأخذ بقول جمهور الفقهاء بأنه يكفيها طواف واحد، وهو طواف الإفاضة، ثم تسعى بعده سعياً واحداً، ويكون طوافها وسعيها بعد الوقوف بعرفة، أي بعد يوم العيد، ويقع طوافها للإفاضة وسعيها عن الحج والعمرة. هذا، والله تعالى أعلم.