السؤال :
ما تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71]؛ لأن بعض الناس يسيئون فهمها، فيعتقدون أن الناس كلهم سوف يدخلون النار، وكلهم سوف يحاسب بعمله، فإن شاء الله يخرج من يشاء، ويبقي من يشاء.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3606
 2011-01-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقول الله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}. اختلف المفسرون في تفسير الورود، فمنهم من قال: الورود هو المرور على الصراط، وكان ذلك المرور أمراً محتوماً، قد قضى الله سبحانه وتعالى أنه لا بدَّ من وقوعه لا محالة.

وقيل: الورود هو الدنوُّ من جهنم، وأن يصيروا حولها، وهو موضع المحاسبة.

وقيل: الورود هو الدخول، وقد جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي سُمَيَّةَ رضي الله عنه قَالَ: (اخْتَلَفْنَا هَاهُنَا فِي الوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا، فَلَقِيتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّا اخْتَلَفْنَا فِي ذَلِكَ الْوُرُودِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: لا يَدْخُلُهَا مُؤْمِنٌ، وَقَالَ بَعْضُنَا: يَدْخُلُونَهَا جَمِيعًا، فَأَهْوَى بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صُمَّتَا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الوُرُودُ الدُّخُولُ، لا يَبْقَى بَرٌّ وَلا فَاجِرٌ إِلا دَخَلَهَا، فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْدًا وَسَلامًا، كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، حَتَّى إِنَّ لِلنَّارِ ـ أَوْ قَالَ لِجَهَنَّمَ ـ ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ، ثُمَّ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) رواه الإمام أحمد. وفي رواية الطبراني عَنْ يَعْلِي بن مُنْيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال:َ (تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي).

ومن ظاهر الآية يتبيَّن بأن الورود هو الدخول، وذلك لقوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}.

وعلى كلِّ حال المهمُّ بالنسبة للمؤمن أن يعمل بعمل أهل الجنة، ويرجو الله تعالى أن يكون من أهلها، وأن لا يعمل بعمل أهل النار، ويرجو الله تعالى أن لا يكون من أهلها. هذا، والله تعالى أعلم.