السؤال :
يقول الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}. ما الحكمة من قوله تعالى: {إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} ولم يقل إلى الجنة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3705
 2011-01-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقو ل الله تبارك وتعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. فقدَّم ربنا عز وجل ذكر الرجوع إلى الله تعالى على دخول الجنة، ويقول الله تعالى حكاية عن السيدة آسية زوجة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}. فقدَّمت ذكر العنديَّة على الجنة.

وفي هذه الآية الكريمة يقول الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. ولم يقل الجنة، لأن هؤلاء العباد المخلصين الذين سمعوا قوله تبارك وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. هؤلاء عبدوا الله تعالى لله، ولم يقصدوا سوى الله تعالى في عبادتهم، ـ وطبعاً من جملة العبادة الدعاء، ومن الدعاء يسألون الله الجنة ويعوذون به من النار ـ فالمخلص في عبادته يطلب ربه في تلك العبادة، لذلك كافأهم ربنا عز وجل بأن يكونوا وفداً عليه، {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. والوفد هم القادمون ركباناً.

وذكر ربنا عز وجل في الآية اسم الرحمن، فقال: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. لأن هذا الاسم الشريف المبارك من صفات اللطف بالعبد، والجود والكرم والإنعام والفضل والتقريب والمواهب للعبد الذي أخلص في عبوديته لله عز وجل.

ولهذا قال ربنا عز وجل: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}. ولم يقل إلى الجنة، وهذا جزاء من ترك اختياره لاختيار ربه عز وجل.

أما المجرمون فيساقون إلى جهنم وِرداً كما تساق القطعان والعياذ بالله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.