السؤال :
هل يجوز للشاب الذي بلغ من العمر خمس عشرة سنة أن ينام مع أمه في فراش واحد؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3983
 2011-05-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ).

وذكر الفقهاء بأنه يجب التفريق بين الأبناء، وبين الأبناء والآباء إذا بلغ الأبناء عشر سنين، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) لم يستثن الآباء، كلُّ ذلك خوفاً من الوقوع في المحظورات الشرعية، لأنه قد يحتلم، وهذا يؤدي إلى محظور شرعي ـ لا قدَّر الله تعالى ـ ولو بالأم.

وقد ورد في حاشية ابن عابدين رحمه الله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، بَيْنَ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ فِي الْمَضْجَعِ، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ).

قَالَ فِي الشِّرْعَةِ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَضَاجِعِ إذَا بَلَغُوا عَشْرَ سِنِينَ، وَيَحُولُ بَيْنَ ذُكُورِ الصِّبْيَانِ وَالنِّسْوَانِ، وَبَيْنَ الصِّبْيَانِ وَالرِّجَالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ إلَى الْفِتْنَةِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ عَشْرًا لا يَنَامُ مَعَ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَامْرَأَةٍ إلا بِامْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ اهـ. فَالْمُرَادُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ النَّوْمِ خَوْفًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ إذَا بَلَغَ عَشْرًا عَقَلَ الْجِمَاعَ، وَلا دِيَانَةَ لَهُ تَرُدُّهُ، فَرُبَّمَا وَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ أَوْ أُمِّهِ، فَإِنَّ النَّوْمَ وَقْتُ رَاحَةٍ مُهَيِّجٌ لِلشَّهْوَةِ، وَتَرْتَفِعُ فِيهِ الثِّيَابُ عَنْ الْعَوْرَةِ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، فَيُؤَدِّي إلَى الْمَحْظُورِ وَإِلَى الْمُضَاجَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ، خُصُوصًا فِي أَبْنَاءِ هَذَا الزَّمَانِ، فَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْفِسْقَ أَكْثَرَ مِنْ الْكِبَارِ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَفْرِيقُهُ عَنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ، بِأَنْ لا يَتْرُكَاهُ يَنَامُ مَعَهُمَا فِي فِرَاشِهِمَا، لأَنَّهُ رُبَّمَا يَطَّلِعُ عَلَى مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا، بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ نَائِمًا وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ أَبِيهِ وَحْدَهُ، أَوْ الْبِنْتُ مَعَ أُمِّهَا وَحْدَهَا، وَكَذَا لا يُتْرَكُ الصَّبِيُّ يَنَامُ مَعَ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّيْنِ خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ، وَلا سِيَّمَا إذَا كَانَ صَبِيحًا، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ شَيْءٌ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ قَلْبُ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ، فَتَحْصُلُ الْفِتْنَةُ بَعْدَ حِينٍ، فَلِلَّهِ دُرُّ هَذَا الشَّرْعِ الطَّاهِرِ، فَقَدْ حَسَمَ مَادَّةَ الْفَسَادِ، وَمَنْ لَمْ يُحَطْ فِي الأُمُورِ يَقَعْ فِي الْمَحْذُورِ، وَفِي الْمَثَلِ: لا تَسْلَمُ الْجَرَّة فِي كُلِّ مَرَّة).

وبناء على ذلك:

فلا يجوز للشاب أن ينام مع أمه في فراش واحد، خشية الوقوع في المحظور الشرعي، وخاصة في زمن قلَّ فيه الوازع الديني. هذا، والله تعالى أعلم.