السؤال :
امرأة كانت أيام صباها تعمل راقصة، وقد منَّ الله عز وجل عليها بالتوبة، وقد اكتسبت أموالاً كثيرة من خلال عملها بالرقص، فماذا تفعل بهذه الأموال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3990
 2011-05-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: من سعادة العبد أن يكرمه الله تعالى بالتوبة قبل نهاية الأجل، ومن صدق في توبته لله عز وجل كان محبوباً عند الله تعالى، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222]، ومن محبة الله للتائبين أن يجعل سيئاتهم حسنات، قال تعالى: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 70].

ثانياً: المال الحرام الذي يكسبه الإنسان يجب عليه أن يردَّه لأصحابه إذا كانوا معروفين أو لورثتهم، وإلا فيتخلَّص من هذا المال بصرفه للفقراء والمساكين والجهات الخيرية.

ثالثاً: المالُ الذي يكسبه الإنسان عن طريق غير مشروعة كالزنى، والكهانة، والغناء، والرقص وما شاكل ذلك، حرامٌ، فيجب التخلُّص منه بصرفه إلى أصحاب الحاجة من الفقراء والمساكين والجهات الخيرية.

وبناء على ذلك:

فيجب على هذه المرأة التي أكرمها الله تعالى بالتوبة، أن تكون توبتها صادقة، ولا تكون التوبة صادقة نصوحاً إلا إذا تجرَّدت من هذا الكسب الخبيث، وإلا فهي مصرَّة على المعصية، ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّهُ لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: حديث حسن.

لذلك عليها أن تتخلَّص من هذا المال الحرام بصرفه للفقراء، ولتذكر حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ) رواه الإمام أحمد. ولتذكر قول الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2ـ3].

ولتكثر من الدعاء لله عز وجل، وخاصة بقول: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين} [الأعراف: 23]. ولتعلم بأن الدعاء مرتبط بطهارة المطعم والمشرب والملبس، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الرجل: (يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟) رواه مسلم.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً التوبة الصادقة النصوح. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.