طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد جاء في الحديث الصحيح عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أَنَّ صَبِيًّا لَهَا أَوْ ابْنًا لَهَا فِي المَوْتِ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَأَخْبِرْهَا أَنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، فَعَادَ الرَّسُولُ فَقَالَ: إِنَّهَا قَدْ أَقْسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّهَا، قَالَ: فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ مَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّةٍ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ) رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم.
وبناء على ذلك:
فقد نصَّ الفقهاء على أنَّه يستحبُّ أن يقول المعزي: (لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلُّ شيء عنده بأجل مسمى، فاصبروا واحتسبوا).
ومن السنَّة حضُّهم على الصبر والرضا بقضاء الله وقدره، واستحبَّ العلماء أن يقول المعزَّي: أعظم الله أجركم، وأحسن عزاءكم، وغفر لميتكم. ويردُّ عليه المعزَّى: وأجركم عظيم، أو جزاكم الله خيراً، أو بارك الله في أعماركم.
ومن الأخطاء الشائعة بين المسلمين أن يقول المعزي: البقية في حياتكم، أو نسأل الله أن يجعلها خاتمة الأحزان؛ لأن الميت ما أبقى شيئاً من حياته حتى تكون لوارثيه، وهذه المصيبة ليست خاتمة المصائب؛ لأن خاتمة المصائب هي عند سكرات الموت. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |