السؤال :
إذا تزوِّج زوجي بزوجة ثانية، وصبرت على ذلك، فهل لي من أجر في ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4605
 2011-12-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا كَانَ لَهَا مِثْلُ أَجْرِ الشُّهَدَاءِ).

وروى الإمام أحمد وابن حبان عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِذَا صَلَّتْ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ). هذا بشكل عام.

ثانياً: أما صبرها على زواج زوجها بامرأة ثانية فلها فيه أجر فوق هذا إن صبرت، لأسباب متعدِّدة:

1ـ الزواج من غيرها يعدُّ ابتلاء لها واختباراً، فإن رضيت بما قضى الله وقدَّر، وصبرت على ذلك، دخلت تحت قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب}.

2ـ إن صبرت على زواج زوجها كفَّر الله تعالى من خطاياها، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ، وَلا حُزْنٍ، وَلا أَذًى، وَلا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) رواه البخاري. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

3ـ إن قابلت الزوجة هذا الابتلاء بالإحسان إلى زوجها، وكظمت غيظها، نالت المرتبة التي وعد الله تعالى بها عباده المتقين بقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين}.

وبناء على ذلك:

فالمرأة إذا صبرت على زواج زوجها بثانية فلها أجر عظيم إن شاء الله تعالى، بشرط أن تؤديه حقوقه كاملة، ولا يجوز لها أن تطلب الطلاق منه، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.

ولها الأسوة في أمهاتنا أمهات المؤمنين رضي الله عنهنَّ حيث صبرن مع وجود الغيرة، ولكن إذا خشيت المرأة أن تقصِّر في حقوق زوجها، أو كانت تتضرَّر بهذا الزواج جسدياً أو معنوياً، ولم تستطع الصبر على ذلك، فلا حرج عند ذلك من طلب الطلاق من زوجها، وأن تفتدي نفسها منه. هذا، والله تعالى أعلم.