طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اختَلَفَ المُفَسِّرونَ في المُرادِ بهذهِ الآياتِ التِّسعِ:
أولاً: قالَ بَعضُهُم: هيَ بِمَعنى آياتِ الكِتابِ، وذلكَ لما روى الترمذي عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ يَهُودِيَّيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ نَسْأَلُهُ.
فَقَالَ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، فَإِنَّهُ إِنْ سَمِعَهَا تَقُولُ نَبِيٌّ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ.
فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُشْرِكُوا بالله شَيْئاً، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى سُلْطَانٍ فَيَقْتُلَهُ، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تَفِرُّوا مِن الزَّحْفِ».
ثانياً: وقالَ بَعضُهُم: إنَّ الآياتِ بِمَعنى المُعجِزاتِ والدِّلالاتِ، وهيَ:
1ـ العَصا، قال تعالى: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِين﴾.
2ـ اليَدُ، قال تعالى: ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِين﴾.
3ـ اللِّسانُ، قال تعالى: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.
4ـ البَحرُ، قال تعالى: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيم﴾.
5ـ الطُّوفانُ. 6ـ الجَرادُ. 7ـ القُمَّلُ. 8 ـ الضَّفادِعُ. 9 ـ الدَّمُ. قال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُّجْرِمِين﴾.
وبناء على ذلك:
فالآياتُ التي أُعطيها سَيِّدُنا موسى عَلَيهِ السَّلامُ اختَلَفَ فيها المُفَسِّرونَ، فمنهُم من قالَ: هيَ آياتٌ وأحكامٌ؛ ومنهُم من قالَ: هيَ آياتٌ ومُعجِزاتٌ وخَوارِقُ. والمَعنَيانِ صَحيحانِ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 https://www.naasan.net/print.ph/ |